فيما حكي عنه: زال الهمُّ زوالها، وقال: دعا عليها، أن يزول الهمُّ معها، حيث زالتْ،
وينبغي أن يكون جعل الهمَّ، الذي هو الغمُّ، وليس بالعزم، لأنه إن جعله العزمَ، لم يكن دعاءً عليها، بل هو إلى الدُّعاءِ لها أقربُ، وقدَّر في الكلام معها ليصحَّ الدعاءُ عليها، ويختصُّ الهمُّ بزواله معها.
وانتصابُ الزوال، على أنه مصدرٌ، تقديره: زال الهمُّ معها زوالاً مثل زوالها. وزال هي التي عينها واوٌ، في هذا القول.
فأمَّا كون فاعلِ زال اسم الله عزَّ وجلَّ، فقد قاله أبو عبيدة، فيما حكاه أحمدُ بن يحيى، وحكاه محمدُ بن السَّريّ غير منسوبٍ إلى أبي عبيدة، فقال: وقال غيره - يعني غير أبي عمرو بن العلاء - أراد: أزال اللهُ زوالها. فزوالها، على هذا القول، ينتصبُ انتصابَ المفعول به، ولا ينتصبُ انتصابَ المصدر.
وزال يجوز أن تكون التي عينها ياءٌ، ويجوز أن تكونَ التي عينها واوٌ. فإن جعلتها التي عينها ياءٌ، وهي التي حكاها سيبويه، فقال: زايلتُ: بارحتُ، فعملتَ بقوله: زايلتُ، أنَّ العينَ منها ياءٌ.
ومعنى زال زوالها: سلبها اللهُ حركتها، وعرَّاها منها، وهذا دعاءٌ بالهلاك، لأنَّ خلوَّ الحيوان من حركته، في أكثر الأمرِ، إنَّما هو للموت، أو لبليَّةٍ تحلُّ به، وعلى هذا قالوا: أسكت الله نأمته، والنأمةُ والنئيمُ: ضربٌ من الحركة.
ومما يدلُّك على تعدِّي زال هذه، قولُ ذي الرُّمَّة:
وبيضاَء لا تنحاشُ منَّا وأمُّها ... إذا ما رأتنا زيلَ منَّا زويلها