وكما في كلام الله تعالى لموسى عليه السلام:(واعلم أنه من أهان لي ولياً أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة) وهذا يوافق ما عندنا في الحديث المتقدم، وقد ذَكره الإمام أحمد من رواية وهب بن منبه في كلام الله لموسى في الطور لما أراد سبحانه إرساله إلى فرعون؛ وسوف أنقل هنا بعضه لما فيه من العِبر والآيات، ولِما فيه مما يُصدِّق ما عندنا، ولمناسبته لِحالنا وما يجري في زماننا.
قال سبحانه في كلامه لموسى في الطور: (إني قد أقمتك اليوم مقاماً لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك، أدْنيْتك وقربتك حتى سمعت كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني، فانطلق برسالتي فإنك بعيني وسمعي، وإن معك يدي ونصري، وإني قد ألْبستك جُنَّة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جنودي، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي، بَطِر نعمتي وأمِنَ مكري، وغرّته الدنيا عني حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعُبِدَ من دوني، وزعم أنه لا يعرفني، وإني أُقسم بعزتي لوْلا العذر والحجة اللذان بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار، فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دَمّرته، وإن أمرت البحار غرّقته، ولكنه هان عليّ وسقط من عيني ووسعه حلمي، واستغنيت بما عندي وحُقّ لي .. إني أنا الغني لا غني غيري، فبلّغه رسالاتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي، وذكّره بأيامي، وحذّره نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقل له فيما بين ذلك قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة