للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنشدَ يحي بن معاذ وغَيرُه:

كُلُّ مَحْبوبٍ سِوَى اللهِ سَرَفْ ... وهُمُومٌ وغمُومٌ وأسَفْ

كُلُّ مَحْبُوبٍ فَمِنْهُ خَلَفٌ ... ما خَلاَ الرَّحمنِ مَا مِنْهُ خَلَفْ ... لاَ بِدَارٍ ذاتِ لَهْوٍ وتَرَفْ

إنَّ ذَا الْحُبِّ الَّذِي يُعْنَى بِهِ ... لاَ ولاَ الحوْرَاءِ مِنْ فَوْقِ غُرَفْ! ... ظَهَرَتْ مِنْ صَاحِبِ الْحُبِّ عُرِفْ ... ذاهبُ الفِكْرِ وباللهِ كَلِفْ

لاَ ولاَ الفِرْدوسِ لايألفُهَا ... حُبُّهُ غَايَةُ غايَاتِ الشَّرَفْ

إنَّ لِلْحُبِّ دَلاَلاَتٌ إذا ... وَعَلاَهُ الشَّوْقُ مِمَّا قَد كَشَفْ

هَمُّهُ فِي اللهِ لاَ في غَيْرِهِ ... وأمَامَ اللهِ مَوْلاَهُ وَقَفْ

دائمُ التِّذكارِ مِنْ حُبِّ الذي ... فإذا أمْعَنَ فِي الْحُبِّ لَهَى ... بَاشَرَ الْمِحْرَابَ يَشكُوُ بثَّهُ ... قائِماً قُدَّامَهُ مُنْتِصِباً ... رَاكِعاً طَوْراً، وطَوْراً سَاجِداً ... لَهِجاً يَتلُو بآيَاتِ الصُّحُفْ

باكِياً والدَّمْعُ للهِ يَكِفْ (١)

وقال بعضهم عن العارفين بالله وما أثمر لهم حبُّهُم لَربهم عزَّ وَجل:

قُلُوبُ العارفينَ لَهَا عيُونٌ ... تَرَى ما لا يَرَاهُ النَّاظِرُونَا (٢) ... تَغِيبُ عَنِ الكِرامِ الكاتبينا

وَألْسِنَةٌ بأسْرارٍ تُنَاجِي ... إلَى مَلكُوتِ رَبِّ العَالمينَا

وأجْنِحَةٌ تَطِيرُ بغيْرِ رِيشٍ ... دَنوْا مِنْهُ فَصَارُوا وَاصِلِينَا

عِبَادٌ أَخْلَصُوا للهِ حَتَّى


(١) أنظر التدوين في أخبار قزوين ٣/ ١٦٥، وانظر لآلي البيان في محبة الرحمن ص (٢٧٢ – ٢٧٣).
(٢) روى ابن جرير في تفسيره ٢٦/ ٥٧، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٣٩ عن خالد بن مَعْدان أنه قال: (ما من آدميٍّ إلا وله أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه وما يصلحه من معيشته، وعينان في قلبه لدينه وما وعد الله من الغيب فإذا أراد الله بعبدٍ خيراً أبصَرَت عيناه اللتان في قلبه فأبصر بهما ما وَعَدَ بالغيبِ فآمَن القلبُ بالغيبِ، وإذا أراد الله به غير ذلك طَمَسَ عليهما، وقرأ: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} " سورة محمد، من الآية: ٢٤ ").

<<  <   >  >>