للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبكى رحمه الله!، ثم قال: (مثلي يُسأل عن هذا؟!، أقرب ما يُتقرب به إليه أن يطّلع على قلبك وأنت لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو) (١).

وقال يحيى بن معاذ - رحمه الله -: (النُّسُك هو العناية بالسرائر وإخراج ما سِوى الله من القلب) (٢).

وقال سهل بن عبد الله التستري - رحمه الله -: (ما من ساعة إلاَّ واللهُ سبحانه يطّلع فيها على قلوبِ العبادِ فأيُّ قلبٍ رأى فيه غَيره سلّط عليه إبليس!) انتهى (٣).

والكلام في هذا الكتاب مداره على المعرفة بالله وبحقه وألا يتداخل حقه سبحانه بحق المخلوق، ولذلك قال ابن القيم في قول أبي فراس الحمداني في شِعْره:

فليتكَ تحلُو والحياةُ مَرِيرةٌ ... وليتكَ ترضَى والأنامُ غِضَابُ

وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ ... وبيني وبينَ العالمينَ خَرَابُ

إذا صَحَّ منكَ الودُّ فالكلُّ هَيِّنٌ ... وكُلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ (٤)


(١) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٩/ ٢٥٧، ونسَبه العمادي الدمشقي في " الروضة الريا فيمن دفن بريا " ص (٨٣) لمالك بن دينار، وأتبعه بقوله - رحمه الله -: (كل ما يشغلك عن الله تعالى من أهل أو مال أو ولد فهو عليك مشؤوم!).
(٢) ذم الهوى لا بن الجوزي ص (٦٩)، وروضة المحبين لا بن القيم ص (٤٣٩).
(٣) المصدر السابق.
(٤) ديوان أبي فراس الحمداني، ص (٢٧).

<<  <   >  >>