للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآفة: (والذي يُخلِّصُه من طلب العِوَض على العمل عِلْمُه بأنه عبدٌ مَحْض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيِّدِهِ عِوَضاً ولا أُجْرة إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فَمَا يناله مِن سيِّدهِ من الأجر والثواب تفضُّل منه وإحسان إليه وإنعام عليه لا معاوَضة، إذِ الأُجْرَة إنما يستحقها الْحُرُّ أو عبدُ الغير، فأمَّا عبد ربِّهِ فَلاَ) انتهى (١).

لقد كان اهتمامُ السَّلَف في معرفة معبودهم سبحانه وتصحيح عبوديته أكبر هَمِّهم وأعظم شُغلهم، ومن هنا ارتفعت مقاماتهم وصَلُحَت أعمالهم.

ولذلك يقول ابن القيم: (فمِنْ أنفع ما للقلب النظر في حقِّ الله على العبد، فإن ذلك يورثه مَقْتَ نفْسِه والإزراء عليها ويُخَلِّصه من العُجْب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذُّلّ والانكسار بين يدي ربه واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته) (٢).

ثم قال – رحمه الله -: (فهذا مَحَل نظَر أهل المعرفة بالله تعالى وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفُسِهِم وعلَّقَ رجاءهم كلَّه بعفوِ الله ورحمته، وإذا تأملتَ حالَ أكثرِ الناس وجدتهم بضد ذلك ينظرون في حقهم على الله ولا ينظرون في حقِّ الله عليهم!) انتهى (٣).


(١) مدارج السالكين، ٢/ ٩٢.
(٢) إغاثة اللهفان، ١/ ٨٨.
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>