للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه شجرة وهذا قبر وهذا نبي وهذا ملَك، وهكذا حتى لو قدرتم وشئتم أن تعدوا كل ما سوى الله من المخلوقات فلن تجدوا فيها من يُسمى (إله) وإنما أنتم بفريتكم سميتموها آلهة، لأن (الإله) هو مألوه القلب الذي يعتقد فيه مالا يصلح إلا الله.

قد يقول المشرك لاسيما في الأزمنة المتأخرة: أنا لا أسمي شيئاً من المخلوقات: إلهاً وإنما الإله هو اله وحده، فيقال له: لو كنتَ تعرف معنى الإله ما قلت الذي قلت ولا فعلت الذي فعلت.

فالإله الباطل إنا سُمي إلهاً لتألّه القلوب، له، لا لشيء قام بذاته يستحق به التألّه، فالشأن كل الشأن في مَيْل قلبك إليه بالتألّه الذي يجمع المحبة والخوف والرجاء، الذي يوجب أن تتقرب إليه بالقربان الذي هو حق الله الخالص، من أشرك معه فيه غيره حبط عمله وصار مشركاً مخلّداً في جهنم، كذلك الدعاء والنذر وسائر أنواع العبادة.

والعبد إنا يميل بقلبه إلى ما سوى الله من المخلوقات سواء الملائكة والأنبياء والصالحين أو غير ذلك من الأشجار والأحجار وإنما يميل إليها بقلبه معتقداً نفعها خائفاً ضرها استقلالاً أو توسطاً بينه وبين الله، ومن هنا يأْلهها قلبه.

ولذلك من ظن أن حاجته تُقضى له بواسطة مُقرَّب من مقرَّبي الملِك سواء جلب منفعة أو دفع مضرة فإنه منصرف القلب عن الملك متعلق بالمقرَّب لأنه أنزل حاجته به فسِيَّان التفت بعض

<<  <   >  >>