فأولاً: لابد من التفريق بين ما يعنيه اسم الرب وما يعنيه اسم الإله، فالأول يعني ما يتصف به الرب سبحانه من الفاعلية القائمة به من خلق السموات والأرض وما فيهن وما يتبع ذلك من ملكيتهن وإقامتهن بقيوميته، وهذا لو أن العبد فني فيه وأحكمه غاية الإحكام لم يُدْخله في إسلام الرسل الذي دعت إليه لأن غاية هذا علم نظري إقراري يشترك فيه معه غالبيّة الكفار، فهذا الاسم تعلّقه بالرب من جهة فعله سبحانه اللازم والمتعدي في مخلوقاته. وهذا كما تقدم لا ينتفع به العبد إلا بإحكام المعرفة لاسم الإله والعمل على مقتضى ذلك، لكن الأول تقوم به عليه الحجة.
أما الثاني وهو اسم (الإله) فيعني ما يتصف به الإله الحق سبحانه من موجبات تألّه القلوب له ويتعلّق بعمل العبد.
فمتعلقه بعلمه يشمل العلم بالأول الذي أخص باسم الرب وزيادة وهي العلم الذي هو أخص باسم الإله وثالث وهو المطلوب وهو العمل على مقتضى تلك العلوم.
فبعلم العبد بأن الرب سبحانه هو الذي له ملكية الوجود وملكية التصرف فيه يتوجه قلبه إليه بالتجرد عن الالتفات إلى ما سواه في شأن الضر والنفع والعطاء والمنع، وهذا تألّه للقلب من هذا الوجه، يعني وجه المالكية والفاعلية.