والشركة، لأنه تنقّص له سبحانه وكأن لا يعلم أمور عباده حتى يُعَلّم، وكأنه لا يرحم حتى تَسْتدعي الوسائط رحمته وكأنه بخيل حتى يُسْتدعى كرمه وجوده، وكأنه عاجز غير قادر حتى يُعان، هذا كله وغيره من مفاسد الشرك، ولذلك أحبط عمل من تدنّس به وأوجب له الخلود في النار لشدة غضبه على فاعله.
والشرك تَعَدٍّ بالمخلوق عن طوره ورفع له فوق مقامه وتخيّل أمور فيه ويقدر عليها وليست على الحقيقة فيه ولا يقدر عليها.
إن ارتفاع المخلوق وعزّه وشرفه بقدر إخلاص عبوديته لربه بمتابعة رسله، ومهما بلغ من الرفعة في هذا المقام فإنه لا يتغيّر شيء في ذاته من جهة التأثير في غيره ولا في نفسه، فيستوي هو وأدنى الخلق ولو قلت: وأكفرهم فهو أيضاً صحيح ـ في مقام العجز عن القدرة المؤثرة في الوجود بخلاف الوسيط عند المخلوق كالملوك ونحوهم فتتخذ الوسائط بينهم وبين الناس لِتَخلُّف الأربع المتقدمة وغيرها عنهم وهي العلم الشامل، والرحمة التامة، والكرم والجود، والقدرة وغير ذلك من نقص المخلوق.
فالمشرك مُشَبِّه لربه بخلقه وعبيده باتخاذ الوسائط، مما يوجب له رفع عبيده الذين أشركهم به إلى مقامه في قلبه، ويظهر أثر ذلك في عبادته لهذه الوسائط وتأليهها، ومهما عَبَدَ الله فلا يقبل منه لأنه ما قدره حق قدره بصرفه خالص حقه إلى مملوكه نتيجة اعتقاد فاسد في