للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير واحد من أهل العلم على أن النهي في اجتماع السلف والبيع هي سد ذريعة الربا.

قال ابن القيم: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع الرجل بين سلف وبيع، وهو حديث صحيح، ومعلوم أنه لو انفرد أحدهما عن الآخر صح، وإنما ذاك؛ لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يقرضه ألفاً ويبيعه سلعة تساوي ثمانمائة بألف أخرى، فيكون قد أعطاه ألفاً وسلعة بثمانمائة؛ ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا (١).

وهنا لم يتحقق هذا المعنى، فلا يصحب العقد شرط، ولم تتحقق العلة للمنع من العقد وهو خشية الربا، فالمصرف يقوم أولاً بعملية الصرف للعميل، ومن ثم الإيداع في حسابه، وإن كان ثم زيادة في الصرف فلصالح المصرف الذي يعد مقترضاً، والذي يقوم بإجراء الصرف بعد إذن العميل.

أما العميل والذي هو المقرِض فأين وجه منفعته في هذه المسألة حتى نستطيع القول بأنه من ربا القرض؟ وإن النهي عن اجتماع العقدين لأجل انتفاع المقرِض؟ أو من القرض الذي جر نفعاً؟

وأما معنى المحاباة بسعر الصرف فلا معنى لها هنا فليس المصرف بفقير ليحابي المقرِض، مع العلم أن الإيداع بهذا الطريق (عن طريق الصراف الآلي) لا يكون بمبالغ كبيرة لتكون مغرية للمصرف فيحابي، كما لم يشترط


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٣/ ١٤١)، : أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي الوفاة: (٧٥١ هـ)، دار النشر: دار الجيل - بيروت - (١٩٧٣ م)، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد.

<<  <   >  >>