للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الركن الرابع:

الأجرة: ويشترط فيها ما يشترط في الثمن في عقد البيع؛ لأن الأجرة في الحقيقة هي ثمن المنفعة المملوكة بعقد الإجارة. فيشترط فيها: أن تكون مالاً متقوماً ومعلوماً وغير ذلك (١).

وهل يشترط قبض الثمن أو الأجرة في مجلس العقد؟ اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال خلاصتها ما يلي:

القول الأول: للحنفية

فالحنفية لا يشترطون تسليم الأجرة في مجلس العقد؛ لأن الأجرة عندهم تستحق باستيفاء المعقود عليه، والمستأجر لم يستوف المعقود عليه أثناء العقد، لأنها تحدث شيئاً فشيئاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" (٢)، ولو وجبت بنفس العقد لما جاز تأخيرها إلا برضاه، والنص يقتضي الوجوب بعد الفراغ؛ لأن العرق إنما يوجد بالعمل (٣).


(١) انظر بدائع الصنائع (٤/ ١٩٣).
(٢) أخرجه ابن ماجة، (٢/ ٨١٧) برقم (٢٤٤٣)، باب إجارة الأجير على طعام بطنه، والطبراني في المعجم الصغير باب الألف من اسمه أحمد (١/ ٤٣)، برقم (٤٣). والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٢١) برقم (١١٤٣٩)، باب إثم منع الأجير أحره. قال في تلخيص الحبير: رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والطبراني في الصغير من حديث جابر وفيه شرقي بن قطامي وهو ضعيف ومحمد بن زياد الراوي عنه، وأبو يعلى وابن عدي والبيهقي من حديث أبي هريرة، وهذا الحديث ذكره البغوي في المصابيح في قسم الحسان وغلط بعض المتأخرين من الحنفية فعزاه لصحيح البخاري وليس هو فيه وإنما فيه من حديث أبي هريرة مرفوعا ثلاثة أنا خصمهم فذكر فيه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره. تلخيص الحبير (٣/ ٥٩).
وقال في نصب الراية بعد أن ضعف طرقه كلها: ومعنى الحديث في الصحيح أخرجه البخاري عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره انتهى. نصب الراية (٤/ ١٢٩) وما بعدها.
(٣) الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٥٨).

<<  <   >  >>