للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

راكدة، ففي أندونيسيا مثلاً نجد حمى جماعة (دار الإسلام) (١) وفي ليبيا نجد جموداً وخموداً، وهي أعراض تدل على أن هذه البلاد لم تهضم بعد وضعها التحرري تماماً.

هذه الأزمات هي بلا نزاع نتيجة للمنهج الذي حقق تحرر البلاد نتيجة للطريق الخاص الذي اتبعته، أعني ثمرة اختيار أولى، أو ثمرة عدم الاختيار، أما الطريقة التي كان يمكن بها تجنب أزمة التحرر هذه، والتي تصلح اليوم لمواجهة المشكلات العضوية كلها في مرحلة النمو والتشييد، فإن الاختيار فيها يرتكز أساساً على مناهج السهولة أو مناهج التقشف والمشقة أي على الطرق التي تتصل (بالحقوق) والأخرى التي تتصل (بالواجبات) وإن هذا الاختيار ليحدد أسلوب المجتمع كله. وسلوكه السياسي، ونموه الاجتماعي، وبصفة خاصة سياسته في استثمار موارده. وهناك علاقة بين (الحق- والواجب) تسيطر على جميع نواحي التطور الاجتماعي، وهي صالحة لأن تصور لنا ثلاثة أساليب مختلفة للتطور، وأن توضح لنا الفروق الجوهرية بين ثلاثة نماذج للمجتمعات، ويمكننا أن نضع هذه العلاقة في صورة جبرية هي:

واجب + حق= صفر (٢)

وتحت هذه الصورة توضح العلاقة أن اختيار مجتمع يعني بالنسبة إليه نمواً صاعداً أعني (نهضة) حين يكون الاختيار في الصورة الجبرية إيجابياً، وهذا الاختيار يتفق في التخطيط الاقتصادي مثلاً مع زيادة قوى الإنتاج بالنسبة إلى حاجات الاستهلاك، وتدل هذه الزيادة على إمكانيات الاستثمار لدى المجتمع،


(١) حزب سياسي يدعو كما يبدو إلى تأليف دولة إسلامية.
(٢) هذه الصورة في الجبر تسمى اللامعادلة ( Inégalité) وتعني أنه إذا كان الواجب متفوقاً على الحق كانت النتيجة إيجابية أي فوق الصفر، وإن كان الحق متفوقاً على الواجب، كانت سلبية أي تحت الصفر، وإن كانا متساويين كان الناتج صفراً، وهي من وضع المؤلف .. (المترجم).

<<  <   >  >>