تخلق من البهاجافاد- جيتا، حيث إن الشاعر الأمريكي قد قرأها، وتمثل روحيتها، كما تمتلها غاندي نفسه. وإما أن نفسر بتيار روحي آخر يمكن أن نسجل ميلاده في ضمير تولستوي في تلك المطامح التي عبر عنها في كتاب (الحرب والسلام)، ولكن يجب أن نذكر في هذه الحالة أن الفكرة لم تصبح واقعاً تاريخياً إلا في بيئة الحمسا ( Ahimsa) التي أحتضنتها، ومن خلال ضمير غاندي الذي تغذى بالبهاجافاد- جيتا.
وإذن، فإن التخطيط النفسي يشرح لنا من كل وجه عناصر التخطيط التاريخي أو يكملها، وربما استطعنا أن نوفق بين التخطيطين بالتوفيق بين إجابات غاندي نفسها وبين ملاحظات أولئك الذين يريدون أن يروا في مبدأ الساتياجراها تأثير تورو أو تولستوي. ولقد بيَّن غاندي بنفسه، وأكد تاريخه بعد ذلك، هذا البيان، وهو أنه قد خط بنفسه طريقه في هذا الميدان تم اتبعه.
فتاريخ عدم العنف على كل حال يتصل بالعالم الحديث. فلم يقم عبثاً غاندي خلال نصف قرن بصلواته وبصيامه المتكرر أمام العالم، فلقد كانت هذه الدراما أروع الشاهد تأثيراً وإنشاء في القرن العشرين، لأنها غذت بلا جدال نفسيته وروحيته وضميره بما أوحت لرواده مثل رومان رولاند ( R. Roland). والحق أن القصص المؤثرة في مجموعة مواقف المهاتما، حتى قصة موته المؤلمة لتعدّ تتابعاً لتاريخ (الضمير) المعاصر على شاشته الخاصة: أي تتابعاً لملحمة عدم العنف التي ترجم عليها كبار الكتاب.
ولا شك أن هناك سبباً عميقاً لما حدث في شهر أغسطس ١٩٣٩م في صبيحة إعلان الحرب العالمية، فقد تحول دير غاندي ( Ashram de Sevagram) إلى مقر للقيادة العليا لمبدأ عدم العنف. حيث استقبل من كل فج في العالم إشارات تطلب النجدة المستيئسة لانقاذ آخر فرصة من فرص السلام، ولقد كانت دعوة سيدتين أمريكيتين معبرة تماماً بلهجتها الإنسانية السامية. لقد ذكرت هذه الرسالة المهاتما بأن (العالم) في حاجة إلى قيادة وحيث كان في نظر السيدتين من