للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اختصاص غاندي أن يتخذ قراراً في هذا الموضوع، فإنهما قد توسلتا إليه في ((أن يعبر لقادة العالم، ولشعوبه عن ثقته التي لا تتزعزع في حكم العقل- لا في استخدام القوة ... )).

فقد امتد إذن إشعاع (عدم العنف) إلى أبعد من دير المهاتما، وعبر الحدود متمثلاً في تيار ثقافي عالمي، منحدراً في (لا شعور) الإنسانية، متدفقاً في أفعالها وأفكارها، في تلك الظروف الرهيبة التي أعلنت فيها الحرب العالمية الثانية. ولا شك في أن من الصعب أن نتتبع مسير هذا التيار النفسي دون تردد لكي نقول ببساطة أن فكرة (التعايش) ليست إلا تدفقاً لعدم العنف على محور القوة، في الظروف الحساسة التي تحيط (بالحرب الباردة) ولكن فكرة (عدم العنف) قد رحمت طريقها في العالم ببعض السمات والمعالم، فإذا بنا نجد هذه السمات في أماكن غير متوقعة، وذلك حينما تتدفق في صورة انبثاق سياسي من لا شعور الأفراد أو الشعوب. كما رأينا في اليابان، ذلك البلد الذي كان مثله الأعلى في الحرب متمثلاً في أقصى صوره في سمات ساموري ( Samourai)، ( البطل التقليدي في اليابان)، لقد كشفت استفتاء حديث عن مظهر سياسي جديد تماماً، إذ تمنى بعض اليابانيين حين أخذت آراؤهم في إعادة تسليح بلادهم لإقحامها في جهاز الدفاع عن منطقة الباسفيك وعن ما يتوقعونه لهذا العمل، تمنوا ألا تلجأ بلادهم في الدفاع عن نفسها إلى سلاح غير (عدم العنف).

وكذلك فعل الألمان عندما نوقش (اتفاف باريس) على قبول ألمانيا في منظمة حلف الأطلنطي، لقد أبدوا التحفظات نفسها، والأماني نفسها، التي تدل على أن الطبقات الشعبية ليس لديها أي حماس لإعادة تسليح بلادهم.

ففكرة (عدم العنف) تبرز إذن في محيط السياسة الدولية وفي محيط السياسة القومية. يظهرها ضغط عناصر القوة، كما يظهرها تحدي هذه القوة، حتى كأنها إجابة اللاشعور على مرارة ظرف خطير ذي ملابسات قاسية. وإن شبحها لهو الذي بدا على ذلك المنعطف الحاسم في الحرب الباردة لكي يجيب

<<  <   >  >>