للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العقلية المتنورة بسبب فيضانها واختمارها. فمما لا جدال فيه أنها قد وجدت هنا الأرض الصالحة لنموها العقلي حين استفادت من النضج الذي يوجد في هذا الميدان.

ونحن لا زلنا نجهل ما سيأتي به هذا التطور وهذا الدافع العقلي من عناصر إيجابية؛ لتدعيم الحلول السياسية لمشكلات الساعة، ونجهل أيضاً ما سيأتيان به من عناصر نهائية في حل الأزمة، لأنه لا يمكن حتى الآن تحديد طبيعة هذه الحلول السياسية، أو طبيعة ذلك الحل النهائي. ولو أن متكهناً حاول أن يكشف لنا عنها مقدماً، فمن المؤكد أنه سيكون معرضاً لسخريتنا في محاولته هذه، إذ يكون من الصعب علينا في الحالة الراهنة بسبب ما لدينا من أفكار مكتسبة، وعادات عقلية مستعدة أن ندرك أن حلاً نهائياً أو حلولاً سياسية كهذه تكون ممكنة أو محتملة. ويمكن هكذا أن ندرك ونحن في طريقنا نوع هذه الكراهية الذي يلقاه التيار الحيادي على محور القوة، حيث نقدر الأشياء طبق الأفكار السائدة والمصالح العاجلة. وهذا يبين أيضاً لماذا لا يمكن للتعايش أن يتبع في الميدان السياسي الطريق الأقصر، أي الطريق المستقيم، فإن طريقه ليس مستقيماً، بل هو كأسنان المنشار ينمو تارة إلى فوق وتارة إلى أسفل وفي بعض الظروف نرى أن (فكرة جنيف) تضل الطريق في سيرها مع التيار. ولقد كان هذا الشعور سائداً أوان سفر بولجانين وخروتشيف إلى آسيا. حيث كان هذا السفر يفسر في بعض الأوساط السياسية على أنه (تحدّ جديد للعالم الحر)، حتى إنهم تحدتوا آنذاك خلال الدورة العادية لمنظمة حلف الأطلنطي عن (مرحلة جديدة من مراحل الحرب الباردة).

ومن التوفيق في هذه الظروف أن تعديل الاتجاه كأن يأتي عن طريق محور طنجة - جاكرتا حيث تتكون المبادره التي تعود بفكرة التعايش إلى طريقها الصحيح، ولقد حدث هذا فعلاً في نيودلهي حيث كان يُتوقع رد الفعل الرسمي بعد سفر الزائرين السوفييتيين، ولقد اغتنم نهرو الفرصة ليذكّر الرأي العام

<<  <   >  >>