للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الهندي بمعنى الصداقة الدولية، وبالتزامات فكرة التعايش، ولكن على الرغم من هذه المصادمات المفاجئة فإن (التعايش) قد تابع طريقه، وكأنما تتدخل في توجيهه العناية الإلهية، فإن العقبة التي توقفه لحظة تدفعه إلى الأمام بحيوية وسرعة متزايدة، والحق أن العناية تتدخل هنا في صورة قانون: ((العقبة الخلاقة المخصبة)) فقد لاقت فكرة التعايش في تحولها العقلي على محور واشنطن - موسكو أكثر من عقبة من هذا النوع فيما يمكن أن يطلق عليه اسم (دورتها الأدبية) فظهرت في أمريكا قصة من قصص التكهن بالمستقبل، حوالي نهاية عام (١٩٥٤م) وهي تقدم لنا مثالاً على هذا النوع من العقبات، إذا أراد مؤلفها مستر جرهارد نيماير ( Gerhard Niemeyer) أن يبرهن على أن التعايش لا يمكن أن ينتهي إلا إلى مأساة قومية، ولكي يؤثر على خيال مواطنيه فقد تخيل اطراداً عسكرياً ودبلوماسياً تجد أمريكا نفسها إثره معزولة حوالي (عام ١٩٦٤ م)، وهي أمام حدين، عبر عنهما المؤلف بجملتين قال: ((إن لدينا ما يجب أن نطلق عليه حزب الحرب ... )) ثم قال بعد ذلك: ((إن لدينا أيضاً حزباً للسلام)) ولما كان توقع السلام في هذا الاطراد محزناً تماماً كتوقع الحرب، فإن المؤلف لم يترك مطلقاً للقارئ الأمريكي مخرجاً نفسياً آخر سوى الرغبة في أن يلعن الطريق المشؤوم الذي قاد بلاده إلى هذا المصير، أي أن يلعن التعايش. فالمؤلف يكشف لنا عن ضميره عموماً، في مواجهة الفكرة كأنما يلقيه بصورة ما في غمار طريقها. ولكن العقبة التي خلقت هكذا، دفعت الفكرة في إطار الفيلسوف ورجل الاقتصاد، اللذين يسلمانا إياها مثرية متعمقة.

والحق أن فكرة المؤلف الأمريكي قد أحدثت صدى في الأوساط الأدبية الفرنسية، حتى أخضعتها إحدى الصحف الباريسية للمناقشة والنقد حيث اقتبسنا هذه الفقرات (١). من آراء الفيلسوف ميرلوبونتي ( Merleau ponty) ،


(١) نقلنا هذه الفقرات عن صحيفة الإكسبرس Express لسان حال حزب منديس فرانس التي أثارت هذه المناقشة.

<<  <   >  >>