للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والاقتصادي ألفريد سوفي ( A. Sauvy) اللذين ندين لهما بإغناء ذي قيمة للموضوع.

فلقد أعطانا كل منهما بطريقته فكرة عن التعايش المتحرر من القيود، ومن العبودية، ومن الغموض السياسي فجلاها كثيراً أمام العقل، ومنحها اتصالاً أكثر بالحياة، وانطباقاً أكثر على ظروف التاريخ الواقعية، وبالتالي منحها مزيداً من التأثير في الميدان السياسي. إن الفيلسوف حين تناول الفكرة من وجهتها السلبية قد أغنى الموضوع بفصل من الدراسة المرضية، فقد نظر إلى (فكرة التعايش) بالنسبة إلى (المواقف السلبية .. وصور الاقتناع المرضي الذي يجعلها مستحيلة) كما في القصة الأمريكية. ومن المفيد أن نذكر أن فكرة الفيلسوف تقطع عرضاً خط نشاط فكرة (عدم العنف) في معناها السياسي، في صورة تيار حيادي. فإن ميرلوبونتي يقدر- في الواقع- أن التعايش- في مرحلته الأولى- (ولغته هنا تهم محور القوة) يقوم، أو يجب أن يقوم في منتصف الطريق بين المغازلة والسلام المسلح، وأنه لن يوجد إلا إذا كان بين المتخاصمين مناطق يلتزمون بعدم السيطرة عليها. وهكذا نرى أن موضوع التعايش يثري بوضوح لدى الفيلسوف، من جهة نظر حيادية؛ لأن الخصوم لن يلتزموا بعدم إخضاع بعض المناطق، إلا إذا تحصنت هذه المناطق بنظامها الخاص، أعني بحيادها.

ونجد عند الاقتصادي أن الموضوع ينمو في الاتجاه نفسه، وإن كان بطريق مختلف، فالتعايش عنده مرحلة من التأقلم الضروري المحتم، المتبادل بين الشيوعية والرأسمالية، أي المرحلة التي تطابق (تطورهما الطبيعي نحو مصيرهما الغامض المشترك). فهذا التطور فيما يتوقعه الاقتصادي يجب أن يتحمل طبيعياً جميع آثار الحالة الاقتصادية في البلدان المتخلفة، أي على محور طنجة - جاكرتا، وربما يلعب الاقتصاد- دور المعدل في التاريخ المقبل على محور واشنطن - موسكو. فمسيو سوفي يرى في الواقع أن (المصلحة المشتركة للقوتين الكبيرتين هي في أن تواجهما الفاقة والبؤس)، ونحن نعرف طبعاً في أي نصف من الكرة الأرضية أو

<<  <   >  >>