وإنجليز وألمان. وهكذا كلما فرضت المزاحمة الاقتصادية للكتلتين نفسها على محور طنجة - جاكرتا، فإن فكرة التعايش هي التي تفرض نفسها- بالتالي- على محور واشنطن - موسكو. ولقد بدؤوا في بعض الأوساط التي كانت مغلاقة عن تقبل هذه الفكرة، يذكرون- في شيء من الحذق- أنه ((يجوز للغربيين أن يدهشوا، ولكن عليهم ألا يغضبوا من دخول الروس كأنداد للمزاحمة في هذا (الميدان الاقتصادي) مع الأمريكان. على أية حال، فإن الاقتصاد الأفرسيوي قد يصبح قاعدة جوهرية (للتعايش) في العالم، وإنما يتم ذلك في الظرف الذي يضيف فيه إلى مبادئ تأثيره الصناعي والاجتماعي اعتناء بالتأثير الأخلاقي)).
ولا شك في أنهم سيقفون هنا محتجين .. أولئك (الأطهار) الذين لا يُحكِّمون في هذا الباب سوى المقاييس الاقتصادية، سيقولون: إن الاقتصاد ليس فصلا من فصول الأخلاق. ولكن هذه التقاليد الكلاسيكية في الاقتصاد الحر- كما يقولون- قد فات أوانها. فلقد دلت التطورات الحديثة على أن للواقع الاقتصادي نتائجه التاريخية، وفي الوقت الذي يحدد الواقع الاقتصادي اتجاه التاريخ- هكذا- فإن من الواجب أن يحدد الاتجاه الاقتصادي في ضوء وظيفته التاريخية.
بل إن السياسة التي تعدّ مسؤولة عن تحقيق هذا الوضع، ترى نفسها مضطرة إلى أن تأخذ في حسابها بعض الظروف النفسية إلى جانب اعتبارها للمصالح المادية. والظروف النفسية تؤثر في الواقع الاقتصادي وتوجهه في النطاق الأخلاقي لا في الميدان الصناعي. وهذا التدخل للمبدأ الأخلاقي في الميدان الاقتصادي قد بدأ فعلاً في الظهور، حتى في بعض نظريات الاقتصاد السياسي. فإذا وضعت مدارس الاقتصاد مشكلة التوازن الاقتصادي في المستوى العالمي- وهو المستوى الطبيعي للمشكلة في مجتمع القرن العشرين- فإنها تهتم شيئاً فشيئاً بدراسة حاجات المعسرين في العالم، وبهذا تدخل المبدأ الأخلاقي تحت ستار الأرقام والاحصاءات، ويظهر هذا الاتجاه تماماً في المدرسة الفرنسية، في