طنجة - جاكرتا حدوث محاولة لمواجهة حل من حلول القوة بحل آخر مستوحى من القوة، وربما من الضعف والاستسلام.
فهناك دائماً وحدة في المشكلة الإنسانية تنبثق عن المصير المشترك، وهي من حيث كونها مجرد مفهوم ميتافيزيقي متفاوت في درجة وضوحه- كانت تجعل المؤرخ الذي يتجاهل هذا التصور للأشياء أو يعارضه في موقف يمكنه ويحق له فيه أن يجهلها. ولكنها قد أصبحت واقعاً مادياً، فوحدة التاريخ تتأكد في القرن العشرين بطريقة لا تدع مجالاً للفكرة الكلاسيكية المألوفة، فكرة (الوحدات التاريخية) المستقلة، حيث تفهم كل وحدة في حدودها، فلقد دخلت الإنسانية مرحلة لم يعد ممكناً فيها تحديد (مجال الدراسة) الخاص على طريقة جون توينبي ( J. Toynbee) ولعله للمرة الأولى ينبغي على التاريخ أن يضع مشكلته منهجياً في المصطلحات الميتافيزيقية. فالفكر الديني الذي أبعده التطور الديكارتي، وجهود الباحثين والعلماء عن نظريات التاريخ قد عاد إليها بطرق عقلية حتى لو عبرنا في مصطلحاته عن المشكلة الأساسية التي تتصور طبقاً لها جميع المشكلات الأخرى لعبرنا عنها بمشكلة خلاص الجنس البشري، وتلك هي المرة الأولى التي تواجه فيها المشكلة مواجهة كلية، ولقد كان اعتناق تشرشل لفكرة التعايش حدثاً يسجل هذه القضية في صحوة هذا الضمير. ولكن المشكلة تتضح على حقيقتها أكثر من ذلك في تفكير الرجل المتدين الذي يرى أن توقع التاريخ يصب دائماً في الأبدية، لأن ضميره يضيء المشكلة من داخلها.
وفي طليعة التفكير المسيحي يعتبر (عمانوئيل مونييه Emmanuel Mounier) هو الذي أوضح المشكلة بهذه الطريقة، إذ هو يرى (وحدة تاريخية) يأخذ كل حدث فيها مكانه بالنظر إلى الخلاص المشترك، وإلى تنفيذ إرادة الله في الملك، ففي تفكير التدين الذي يرى أن (الإنسان صورة من خالقه) يوجد تناسب بين العنصر الإنساني والعنصر الإلهي، في مستوى معين، والحقيقة الميتافيزيقية بالنسبة إلى تفكير كهذا تسمو، ولكنها لا تنفي الحقيقة الزمنية. فعند مونييه ( Mounier)