للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لحل المشكلة الإنسانية كاملة، في عمومها؟ أي هل كان حل الأزمة الأصيلة التي ما فتئت تتجدد منذ خمسين عاماً في جميع الأزمات العابرة؟

لقد كان المهاتما يدرك تماماً أن حله قد يذهل، بما أنه يقوم على غير أساس القوانين السياسية التقليدية، ولأنه كان يتخطى الحدود المعتادة للقوميات والعنصريات، والعصبيات الدينية. ولا شك أنه قد أبدى لهذا السبب- وبلمسة خفيفة- مخاوفه من أن يرى منطق الواقع العاجل يطغى مؤقتاً على منطق التاريخ.

فهو يخشى، في ساعة ندائه، أن تعمي المطامح الإمبراطورية والانتصارات المؤقتة الشعب الياباني فتعرض (الاتحاد العالمي) - حسب تعبيره- للخطر من حيث لا يدري.

والاتحاد العالمي كان يبدو في نظره أنه الحل الذي ينطبق على طبيعة المشكلة، وعلى اتجاه التطور التاريخي، وأتى فعلاً هذا التطور يمده أكثر فأكثر بما يدعم وجهة نظره، فآراء غاندي بدأت تدخل ضمن توقعات التاريخ، والحل الذي أدركه منطقه الملهم بدأ يتفق مع الحل الذي ينبعث من الوقائع ذاتها.

إن طرق التاريخ تمر بعقل الإنسان، وفكرة (الاتحاد العالمي) تحوم في العقول.

ولقد وقف عباقرة هذا القرن- من تلقاء أنفسهم- معبرين عن هذه الفكرة، كما فعل غاندي في ندائه: ((إلى جميع اليابانيين))، ولقد أيدت الأحداث نظريتهم، ولا شك في أنه لم يكن مجرد صدفة أن تتكون (حركة عالمية من أجل اتحاد عالمي)، وليس من باب الترف العقلي أن يقدم أشهر ممثلي الفكر المعاصر ضمانهم الأخلاقي والعقلي للفكرة المذكورة فقد انعقد من أجل تحقيقها مؤتمر دولي في باريس في أغسطس (١٩٥٥م). وأتت الشهادات القيمة لتنزهها عن أن تكون محض خيال، أو ما يشبه ما يصدر عن شباب الجامعات من النوادر، بحيث أبرزت اتجاهها التاريخي ومن بين هذه الشهادات تلك التي أداها (برتراند راسل Bertrand Russel) وهي شهادة محددة ثمينة.

<<  <   >  >>