(القومية الإسلامية) تلك الفكرة التي استخدمت كأساس نظري في تأسيس باكستان. فإن إنشاء هذه الدولة لم يكن ليكون فهو- في كلمة- نوع من فتح البلدان، لا تتحقق معه فائدة (للأجنة) التي يتحدث عنها، وأنا أعتقد أن نهرو كان أقرب إلى (الفكرة الإسلامية) حين كتب قي مذكراته في السجن عام (١٩٤٢م) فيما يتصل بالمسألة القومية في الهند قال: ((أعتقد أن هذا الشعور كان مصطنعاً، وأنه لم تكن له جذور في العقلية المسلمة)). ومن السهولة بمكان أن نحكم في هذا المحيط بأن الفكرة القومية، أياً كان مستقبلها في باكستان، كانت في الواقع مصطنعة، وأن أحد منشئيها كان آغا خان الذي رأس في عهد الإصلاح عام (١٩٠٨ - ١٩٠٩م) وفداً لدى نائب الملك لورد مينتو ( Minto)، خليفة اللورد كيرزن ( Curzon) ليطالب بفصل المجموع الانتخابي المسلم عن الجموع الانتخابية في الهند. فإقبال على هذا قد اقتبس موضوعاً غريباً، ولكنه خلع عليه ثوباً دينياً. فلقد كان يريد ((قومية مسلمة)). وربما نجد هنا عنده النزعة المسيطرة التي تتجلى في (الفكر المسلم)، وهي التي أطلق عليها جاسبيرز ( Jaspers): الدين المحوري ( Religion Axiale) فإن المسلم يتخذ من الدين (محور الحركة) لحياته كلها: فهو مفتاح نفسيته والمقياس الذي تقاس به جميع أشكال سلوكه، والذي يفسر أن الأوامر السماوية لها عنده تأثير وسيطرة أكثر من أوامر الحياة العادية.
فلم يكن من الشذوذ أن كان باعث النهضة في العالم الإسلامي وهو الشيخ محمد عبده مصلح عقيدة لا مصلحاً اجتماعياً، والنمو التاريخي الذي حدث في العالم الإسلامي هو ثمرة مدارس العقيدة، وثمرة تطبيق تعالميها في الحياة العملية، مع أن الجانب الاجتماعي في النظرية القرآنية، وجميع (الأجنة) الاجتماعية التي تحتويها قد أغفلت في هذه التعاليم التي تساعد على نموها وتطويرها، كما لاحظ ذلك بمرارة إقبال في رسالته إلى نيكلسون.