للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عموماً- في رأسمال منتج، أما بين يدي البورجوازية المسلمة فإنها تخضع لمعامل التقليل والتصغير (١) فلم يعد لها من الناحية الاقتصادية قيمة مئة الفرنك، حيث تدخل عموماً في رأس مال نفعي، لا يحمل طابعاً أجتماعياً، ولا يهدف إلى فائدة عامة.

وربما كان لهذا الفساد في الجانب (الاجتماعي) ما يفسره، فلقد وجد العالم الإسلامي نفسه وقد بدأ يخرج من انحطاطه، مأخوذاً بمشكلاته العاجلة، مشكلات تحرره السياسي حتى أن مشكلة حضارته الأساسية قد أصبحت في المقام الثاني في ضميره، وفي ألوان نشاطه، إذ إن صفوته قد اتجهت (طبقاً للحلول العاجلة) مكونة (قيادة سياسية) في البلاد الهادفة إلى التحرر، (وجهازاً إدارياً) في البلاد التي كسبت استقلالها، بحيث كانت الحزبية ( Partisme) ، والوظيفة ( Carriérisme) تمتص هذه الصفوة كلما تكونت في بلد من البلاد.

ومن هنا يأتي الارتجال وعدم التهيئة في أعمال تتفاوت في عائدها الشخصي وفي غموضها. من أجل حضارة تتطلب في الفرد أسمى مواهبه الأخلاقية والعقلية وتقتضي منه أقصى تضحية وإيجابية.

إن للتاريخ رواده ومعبدي طرقه فإذا اكتشف الأولون مجاهله وطرائق مستقبله فإن مهمة الآخرين أن يحافظوا عليها. والعالم الإسلامي ينتج (صفوة) صالحة لأن تصبح (رواده) القادرين على أن يستهلوا سيره في التاريخ ويعينوا له المرحلة التي يقطعها يومياً نحو توقعاته البعيدة.

وهذا هو دور الثقافة: أن تمنح هؤلاء الرجال وعي القائد ومغزى رسالته الحضارية في الإطار الأخلاقي والعقلي والاجتماعي والصناعي.


(١) يتضح هذا الاتجاه حين نرى أن استغلال رأس المال في بلادنا لا يتجه وجهة المشروعات الاقتصادية بل هو في أحسن أحواله يتجه إلى بناء عمائر سكنية، وذلك إن
لم يتجه إلى اقتفاء الحريم (المترجم).

<<  <   >  >>