للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأيضاً فإن فكرة الأفرسيوية التي ولدت نظرياً في باندونج هي إجابة على الاستعمار المشترك، الذي ينتج ضمناً عن التقاء الاهتمام الاستراتيجي بالغريزة الاستعمارية القديمة، التي لم تصف بعد، ولكننا لم نعرف بعد صورتها النهائية، فكل زوج هو مرحلة في الحوار الذي بدأ في العالم، منذ عشر سنوات، بين القوة وعدم العنف. وباندونج هي في الواقع لحظة رئيسية في هذا الحوار، وبهذا يمكننا أن نرد على هؤلاء الذين يرون فيه صورة سلبية للوحدة الأفرسيوية الموجهة ضد الغرب- كما يقولون- فيمكننا أن نجيب بأن هذا التفسير نفسه يكون صورة جد سلبية في تحديد موقف القائلين به من المشكلة الإنسانية، وخاصة فيما يخص السلام، بما أن مؤتمر باندونج كان يهدف في نهاية مناقشته إلى تنظيم قوى العمل والسلام.

وعليه فإنهم يكشفون عن نواياهم السيئة حين يرون في هذا الجهد من أجل البناء والسلام شيئاً من السلبية الموجهة ضد الغرب.

وفضلاً عن أن هذا التفسير يعبر عن الاتجاه الاستعماري المألوف نحو اعتبار كل قرار يتخذه الخصم الأفرسيوي ليوجه قواه بنفسه إجراء يسلبه حقه، ويهدده بالطرد والحرمان، فإنه يكشف عن شكل خاص من أشكال الحرب الباردة، أعني شكلاً من أشكال الصراع الداخلي بين عناصر القوة، أي بين الرأسمالية والشيوعية.

ولهذا الصراع الذي يحتل مقعد الصدارة حالياً- بسبب المخاطر التي يهدد بها العالم- نهايتان ممكنتان، تبعاً للمخرج الذي قد يجده، إما في توقعات القوة، توقعات الحرب التي لا يمكن تحاشيها، وإما في توقعات السلام المقصود في كل الظروف، مهما كانت تلك الظروف.

فنحن إذن في هذه المرحلة من التاريخ، حيث يتوقف مصير العالم في نهاية الأمر على الكلمة الأخيرة في الحوار الناشب ضمناً بين القوة وعدم العنف. فإذا

<<  <   >  >>