ويجب أن نذكر أيضاً أن جميع العقائد والأديان كانت ممثلة فيه، حتى الديانة المسيحية، في شخص الأسقف مكاريوس. وهكذا تظهر الإمكانيات التي تتحكم فيها هذه المجموعة المتنوعة في أفكارها وأصولها ومجتمعاتها، كما تظهر عوامل الضعف فيها، وتنوع كهذا، يمكنه بطبيعة الحال أن يقدم العناصر اللازمة لبناء قاعدة متينة للسلام، وإلقاء الأسس الروحية والصناعية لتشييد حضارة الرجل الأفرسيوي، وتهيئة الظروف النفسية والزمنية لإقامة (مجتمع عالمي متعايش).
وإنما تعبر هذه الرغبة عن توقعات عصر تهدف فلسفته واتجاهاته العميقة إلى
أن تبلغ- على أي احتمال- ((عهداً عالمياً)) وإنها لبالغته حتماً. وطبيعي أن جميع الإمكانيات والمصاعب في هذا الطريق يمكن تقديرها في ضوء الحقائق السياسية والاقتصادية الخاصة بمصير محور طنجة - جاكرتا، وهذه الحقائق دالة في الوقت نفسه على البعد الروحي والاجتماعي بين هذا المحور، ومحور القوة بحيث تصوغ أقرب مقياس لما يجب إنجازه من مهام.
إن ثماني عشرة دولة من دول باندونج التسعة والعشرين أعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وثلاث عشرة دولة من مجموعة دول كولمبو، وهذه المجموعة تخصص من حيث المبدأ ميزانية مكونة من ثلاثة آلاف مليون من الجنيهات الاسترلينية لترقية التجهيز الزراعى، ولتصنيع جنوبي شرقى آسيا. ويمكننا أن نكون فكرة عن التأثير النسبي لخطة استثمار كهذا حين نأخذ في اعتبارنا بعض الحقائق البيانية عن المستوى الاجتماعى والاقتصادي للمنطقة التي نتحدث عنها. فإن دخلها الكلي لا يتجاوز في الواقع ٢٥،٠٠٠ مليوناً من الدولارات، أي ما يقرب من ٨% من الدخل العالمي، ومتوسط دخل الفرد فيها لا يتجاوز ٥٦ دولاراً في السنة في مقابل ١٨٢٣ دولاراً في الولايات المتحدة الأمريكية و٧٦٥ في إنجلترا. وهذا الدخل يتدرج بين حد أقصى: ٢٠٠ دولاراً في اليابان، وهي دولة ترتبط في الواقع بمحور القوة، ولكنها مثلت في باندونج، حد أدنى: ٣٨ دولاراً في ليبيريا، وهذا الرقم الأخير يقترب أكثر من الواقع الأفرسيوي، ويفسر