من الناحية الكمية خط النموذج الاجتماعي الذي استخدمنا عينتين منه في عنونة الفصل السابق.
هذه الأرقام بما بينها من تفاوت على المحور نفسه، تدل على الأهمية الأخلاقية والسياسية لاتصال دولي مثل هذا بين دول مختلفة في درجة النمو، رغم انتسابها إلى نظم سياسية متعارضة، ورغم اختيارها لنماذج ومناهج مختلفة، إذا ما نظرنا مثلاً إلى الصين واليابان، أو إلى اليابان وساحل الذهب.
فهي تبرز إرادة هذه الشعوب كلها أن تشترك في مصير واحد: وأن تتحمل بهذا مسؤولياتها الخاصة في مصير العالم، في اللحظة التي أصبح فيها العالم بين شقي الحرب والسلام.
ولقد اجتازت هذه الشعوب التي استردت استقلالها السياسى على تفاوت فيما بينها، اجتازت وهي في طريقها إلى باندونج مرحلة مهمة في سبيل استقلالها الأدبي. فحتى ذلك الوقت لم تظفر مشكلات كل هذه الشعوب ببحث كامل إلا في المؤتمرات التي تستلهم وحيها من ((الميثاق الاستعماري)) ومن الاستراتيجية العالمية، أي في ظروف أخلاقية وفنية ووجهت فيها المشكلات بمنطق القوة أكثر من أن تواجه بمنطق (البقاء) بينما لا يمكن أن يتم الاستقلال في هذا الميدان إلا إذا استقر في الأذهان أولية مشكلات (البقاء).
ولقد كان أحد الذين حاولوا بعث هذه الشعوب (علي ساسترو ميدجوجو) مدركاً لتلك المسؤوليات الضخام، ولعظم رسالة هذه الشعوب المتخلفة وضرورة بعثها، بينما لم تكن الفكرة الموجهة نفسها قد تجاوزت مرحلة التكوّن، كان ذلك حين قال كمقدمة لهذا الحدث الدولي:((إن الفكرة التي نشأت إبان مؤتمر كولمبو قد شقت طريقها وأثبتت أنها جديرة بالحياة))، ثم أضاف:((وإن شعوبنا لمدركة أن مصيرنا إنما يصدر عن أعمالنا، وجهدنا الخاص، لا عن دول توجد خارج آسيا)).