للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالد بن الوليد، وكانوا قريبا من ثلاثة عشر ألفا، فالتقوا معهم، فانكشف الجيش الإسلامي لكثرة ما فيه من الأعراب، فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد خلصنا، يقولون ميزنا من هؤلاء الأعراب، فتميزوا منهم وانفردوا، فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف «١»، ثم صدقوا الحملة وقاتلوا قتالا شديدا، وجعلوا يتنادون:

يا أصحاب سورة البقرة، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم، وولى جيش الكفار فارا، وأتبعتهم السيوف المسلمة في أقفيتهم قتلا وأسرا، وقتل الله مسيلمة الكذاب وفرق شمل أصحابه، ثم رجعوا إلى الإسلام «٢». ولم تمض إلا فترة يسيرة حتى عادت شبه الجزيرة العربية كلها إلى الإسلام، لكن عددا كبيرا ممن شارك في إخماد تلك الفتنة قد قتلوا في سبيل الله، ومن بينهم عدد من حفاظ القرآن، وتشير الروايات إلى أن معركة اليمامة التي أذل الله فيها مسيلمة الكذاب وجمعه، كانت من أعظم الغزوات في حروب الردة، كما كانت أجلها خطرا، وأبعدها أثرا، قد استشهد من المسلمين يومئذ مائتان وألف، ومن بينهم ثلاثمائة وستون من المهاجرين والأنصار من أهل قصبة المدينة وحدها، حتى أوصل بعض المؤرخين عدد الحفاظ إلى الخمسمائة، كما أشار إلى ذلك ابن كثير وابن الجزري «٣». فلهذا أشار عمر رضي الله عنه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه بأن يجمع القرآن لئلا يذهب بسبب موت من يحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال «٤»، ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود بسنده عن فضالة عن الحسن: أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة،


(١) فضائل القرآن لابن كثير: ١٥؛ ورسم المصحف، د. غانم قدوري: ١٠٠.
(٢) ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٥.
(٣) انظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٥؛ والنشر في القراءات العشر: ١/ ٧؛ ورسم المصحف، د. غانم قدوري: ١٠١.
(٤) ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٥.

<<  <   >  >>