للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم ولكن غير مجموع في موضع واحد. ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب، وأمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشرا، فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء «١».

فعلي بن أبي طالب بين للناس أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أعظمهم أجرا في المصاحف، لأن هذا العمل هو من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظه لكتاب الله في مصحف واحد لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «٢».

وإذا تأملنا ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه في جمع القرآن، فإن هذا يعد في فضائله وعظيم مناقبه، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ... ) «٣». فما جمع القرآن أحد بعده إلا وكان له مثل أجره إلى يوم القيامة.

ولهذا قال أبو بكر الصديق لزيد بن ثابت: (هو والله خير ... )، قال هذا عند ما سأله زيد: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - كما سيأتي في الحديث الصحيح القادم-.

[ثالثا:]

حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق: (أن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني، فقال: إن


(١) ينظر: الإتقان للسيوطي: ١/ ١٢٩.
(٢) ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٧.
(٣) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، رقم (١٠١٧): ٢/ ٧٠٤.

<<  <   >  >>