للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنسي آيات من القرآن الكريم «١».

قال الإمام الباقلاني: (وقوله فَلا تَنْسى، أورد على وجه الإخبار لا على وجه الأمر، لأن النسيان لا يفعل ولا ينزل) «٢».

وقال الزرقاني: إن هذا الاستثناء صوري لا حقيقي، فلا يدل على ما زعموا، والحكمة فيه أن يعلم الله عباده أن نسيانه صلى الله عليه وسلم الذي وعده إياه في قوله:

فَلا تَنْسى، وإنما هو محض فضل من الله وإحسان، ولو شاء سبحانه أن ينسيه لأنساه، وفي ذلك الاستثناء فائدتان: إحداهما ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث يشعر دائما أنه مغمور بنعمة الله وعنايته ما دام متذكرا للقرآن لا ينساه، والثانية تعود إلى أمته حيث يعلمون أن نبيهم صلى الله عليه وسلم فيما خصه الله به من العطايا والخصائص لم يخرج عن دائرة العبودية فلا يفتنون فيه كما فتن النصارى في المسيح ابن مريم «٣».

والدليل على أن هذا الاستثناء صوري لا حقيقي أمران:

الأول: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يتعب نفسه بكثرة قراءة القرآن حتى وقت نزول الوحي مخافة أن ينساه، فاقتضت رحمة الله بحبيبه صلى الله عليه وسلم أن يطمئنه من هذه الناحية، وأن يرحمه من هذا العناء، فقال تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) «٤»، وفي آية أخرى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ


(١) ينظر: دائرة المعارف الإسلامية، مادة (أصول) لفؤاد أفرام البستاني: ٣/ ٤٨٤.
(٢) نكت الانتصار لنقل القرآن: ٣١٢؛ باب الكلام في جواز نسيان النبي صلى الله عليه وسلم.
(٣) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٦٧ - ٢٦٨؛ والمدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة: ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٤) سورة القيامة، الآيات (١٦ - ١٧)

<<  <   >  >>