للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجاب عن ذلك أيضا بأن ثبوت النسخ شيء، وثبوت نزول القرآن شيء آخر، فثبوت النسخ يكفي فيه الدليل الظني بخبر الواحد، أما ثبوت نزول القرآن فهو الذي يشترط فيه الدليل القطعي بالخبر المتواتر، والذي معنا ثبوت النسخ لا ثبوت القرآن، فيكفي فيه أخبار الآحاد «١».

وكتابة أبي بن كعب لهذا الدعاء في مصحفه لا يدل على القرآنية، ونحن نعلم أن مصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر، بل كان بعضها مشتملا على المنسوخ تلاوة وعلى رواية الآحاد، وعلى بعض التفسيرات، وتأويلات وأدعية ومأثورات، ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به كثير من المسلمين في الوتر، كما أن القنوت في الصلاة لا يدل على القرآنية.

وذكر بعض العلماء أن أبيا رضي الله عنه كتبه في مصحفه، وسماه سورة الخلع والحفد لورود مادة هاتين الكلمتين فيه «٢»، ولهذا ورد عن مصحف أبي أن عدد سور القرآن مائة وست عشرة سورة «٣»، إلا أن الإمام السيوطي ذكرهما فيما نسخ تلاوته دون حكمه- كما مر- وقال في رواية أخرى: أخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء بن عبيد بن عمير: (أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق، قال ابن جريج: حكمة البسملة أنهما سورتان في


(١) ينظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان: ٢٣٨.
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٧١.
(٣) البرهان للزركشي: ١/ ٢٥١؛ وذكر أن في مصحف أبي دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين، وأن عدد سور القرآن عنده مائة وستة عشرة سورة، وقال: وكان مصحف عبد الله بن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة، ولم يكن فيها المعوذتين لشبهة الرقية، كما سيأتي الحديث عن المعوذتين.

<<  <   >  >>