للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يجمعه، فقد يكون مراده الذين علمهم من الأنصار أربعة، أما غيرهم من المهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم، ولو نفاهم كان المراد نفي علمه، ومع هذا فقد روى غير مسلم حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر منهم المازري خمسة عشر صحابيا. وثبت في الصحيح أنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمعوا القرآن، وكانت اليمامة قريبا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ، فكيف الظن بمن لم يقتل ممن حضرها ومن لم يحضرها وبقي بالمدينة أو بمكة أو غيرهما، ولم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من كبار الصحابة الذين يبعد كل البعد أنهم لم يجمعوه مع كثرة رغبتهم في الخير وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات.

وليس من شرط التواتر أن يحفظ كل فرد جميعه، بل إذا حفظ الكل الكل ولو على التوزيع كفى «١».

وهناك أجوبة أخرى لحديث أنس رضي الله عنه، ذكرها القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره من أهمها:

١ - فلا يلزم أن يكون غيرهم جمعه.

٢ - المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها إلا أولئك.

٣ - إن المراد بجمعه تلقيه من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا واسطة بخلاف غيرهم.

٤ - أنهم تصدوا لإلقائه وتعليمه فاشتهروا به، وخفي حال غيرهم.

٥ - المراد بالجمع الكتابة، فلا ينفي أن يكون غيرهم جمعه حفظا على ظهر قلب، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة وحفظوه عن ظهر قلب.

وهناك احتمال آخر، وهو أن المراد إثبات ذلك للخزرج دون الأوس فقط، بقرينة المفاخرة، فلا ينفي ذلك من غير القبيلتين من المهاجرين ومن جاء


(١) شرح النووي لصحيح مسلم: ١٦ م/ ١٩.

<<  <   >  >>