للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحوه قول جرير «١»:

سيروا بني العمّ فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى ولا تعرفكم العرب

فأما حدّ المستخفّ والمستثقل، فإن جعل ما زاد على الثلاثة غير مستخف كان مذهبا، وإن جعل المستثقل ما توالى فيه أربع حركات كان مذهبا، لأنك قد علمت استثقالهم له برفضهم إياه في الشعر، إلا في موضع الزحاف.

وإذا لم يستخف الأربعة، فالخمسة أجدر بألا تستخف «٢»«٣»

فممّا أسكن لكثرة الحركات لام الأمر في قوله تعالى: فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [إبراهيم ١١]، قال ابن جني في قراءة من قرأ بكسرها: «هذا لعمري الأصل في لام الأمر، أن تكون مكسورة، إلا أنهم أقروا إسكانها تخفيفا. وإذا كانوا يقولون: مره فليقم، فيسكنونها مع قلة الحروف والحركات، فإسكانها مع كثرة الحروف والحركات أمثل، وتلك حالها في قوله: فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، لا سيما «٤» وقبلها كسرة الهاء «٥»؛ فاعرف ذلك، فإن مصارفة الألفاظ باب معتمد في الاستثقال والاستخفاف.» «٦»

وقد تحذف الفتحة على خفتها لكثرة الحركات، نحو قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر ٣٠]، قرأ أبو جعفر: (تسعة عشر)، قال ابن جني:

«أما (تسعة عشر) بفتح هاء (تسعة) وسكون عين (عشر)، فلأجل كثرة الحركات، وأن الاسمين جعلا كاسم واحد، فلم يوقف على الأول منهما فيحتاج إلى الابتداء بالثاني.


(١) سبق تخريجه في ص ٢٢٦ من هذا البحث.
(٢) انظر الكتاب: ٤/ ٤٣٧.
(٣) الحجة (ع): ٢/ ٥ - ٦، وانظر المصدر نفسه: ١/ ٨٢ - ٨٣، ٢/ ٤٦٠ - ٤٦٣.
(٤) ذكر الخضري في حاشيته على شرح ابن عقيل أن قول المصنفين: (لا سيما والأمر كذا) تركيب عربي، انظر: ١/ ٨١.
(٥) يريد الهاء من (الله) في قوله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
(٦) المحتسب: ١/ ٣٥٩.

<<  <   >  >>