بوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن البدعة أشد من الكبائر، ثم ذكر الخوارج، فهل يرى الشيخ تكفيرهم؟
الجواب
لا، ما يلزم أنه يرى تكفيرهم، والذي أعرف أن الشيخ لا يرى تكفيرهم عموماً، والخوارج ليسوا كفاراً، ولكنهم من أهل البدع، ولا يلزم من قتال المبتدع أن يكون كافراً، ولذلك قاتلهم الصحابة وعلى رأس الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولما سئل عنهم، قال: هم إخواننا بغوا علينا، ثم قيل له: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا، فينبغي أن نفهم أنه لا يلزم من القتال الكفر، فقتال أهل البغي والخارجين عن الإمام وقد يكونون من الصالحين، لكنهم تأولوا ويقاتلون، ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره أن من خرج على إمام له بيعة وله عهد أو خرج عن الجماعة فإنه يقاتل كائناً من كان، وإن كان ظاهره الصلاح، فأمره إلى الله عز وجل، وأيضاً أهل الذنوب الذين تقتضي ذنوبهم قتلهم مثل المرجوم الزاني إذا استحق الرجم، فهذا لا يخرج من الملة وإن قتل في ظاهر الأمر قتلة فيها نوع من التعزير الشديد، لكن لله في ذلك حكمة بالغة.
فهذا علي رضي الله عنه والصحابة معه اجتهدوا في تنفيذ القتل متى يكون، وكأن الإمام علياً والله أعلم وتخصيص علي بالإمام دون بقية الصحابة هذا من سمات الرافضة والشيعة، فهو خليفة من الخلفاء الراشدين، والمهم أن علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة الذين قاتلوا الخوارج كانوا يرون أن قتالهم محل خلاف، لكن علي الذي هو إمام المسلمين في ذلك الوقت، كان لا يرى قتالهم حتى يحدثوا ويقاتلوا، وهذا ظن غالب عندي، أنه يقصد أننا لا نتحقق من بدعتهم حتى يعملوا بمقتضاها، لأننا لا نستطيع أن نلزمهم بأنهم ارتكبوا بدع التكفير، لأنه قد يكون قول بعضهم، أو لهم في التكفير معاذير لجهل أو تأويل نحو ذلك، فلما قاتلوا عليها تبين إصرارهم على بدعة التكفير التي هي فعلهم للقتال واستباحهم للدم، ودليل على أن هذه البدعة تعمقت فيهم، وأنها ليست مجرد عوارض أو قول البعض، بل هي إجماعهم وقد اتفقوا عليها، فمن هنا استباح علي قتالهم؛ لأن بدعتهم ظهرت وتأكدت من خلال أفعالهم، أما الأحاديث فهي مطلقة، فبعضها رد في الخوارج القدامى، وبعضها في الخوارج المتأخرين الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري وغيره:(سيخرج في آخر الزمان أناس حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، -ثم سرد صفاتهم والقول فيهم إلى أن قال:- فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن لمن قتلهم الجنة)، فهذا الذي جاء في سياق الحديث هو في خوارج يخرجون في آخر الزمان، وهم على القول الراجح في كلام كثير من المحققين من أهل العلم أنهم غير الخوارج الأولين؛ لأن هؤلاء جاءت فيهم نصوص، وهؤلاء جاءت فيهم نصوص، وكلهم خوارج.
إذاً: قتل الخوارج لا يدل على خروجهم من الملة، ولا أن بدعتهم بدعة مكفرة.