للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التخصص في العلوم الشرعية]

السؤال

ما رأيكم فيمن يدعو إلى التخصص في العلم الشرعي وفي العمل الإسلامي عموماً؟

الجواب

لا نطلق ولا نحجر، فالتخصص في العلم الشرعي إذا كان لا يستطيع الإنسان أن يكون عنده شمولية فلا حرج فيه، ولكن ينبغي ألا يجهل البدهيات في العلوم الأخرى، فمثلاً: يركز على التخصص في الحديث ويجهل الفقه والعقيدة هذا أو في منهج الاستدلال هذا لا يصح، لكن ينبغي أن يؤسس شخصيته العلمية على أصول العلوم الشرعية، مثل القرآن وعلومه وتفسيره، والحديث وعلومه ورجاله، ثم العقيدة وما يتفرع عنها من الأصول الضرورية، ثم الفقه وأصوله، ثم اللغة العربية فهذه العلوم لا بد أن ترتكز عليها قاعدة طالب العلم، ولا بد أن توجد مثل الأسس للبيت، فأنت إذا أسست البيت لا بد أن تؤسس قواعده، فإذا انتهيت من القواعد تشكل البيت حسب حاجتك وهذا راجع لك، لكن لا بد أن تكون الأسس قوية ومتينة بحيث لو احتجتها تجدها على أصول شرعية.

فلذلك لا حرج في هذا ولكن لا يحجر أحد على أحد خاصة في العلوم الشرعية التي ينفع الله بها، لكن من استطاع أن يكون شمولياً في العلم الشرعي فهذا هو المطلوب الإمامة في الدين لا تكون للأمة إلا من العلماء الراسخين وليس المتخصصين، والمتخصصون يكفل بعضهم بعضاً، ولذلك لو أردنا أن نناقش قضية من النوازل الحديثة المتشابكة، يكون فيها جانب طبي وجانب هندسي وجانب كذا وآخر، فأردنا أن نبحث فيها فلابد أن نأتي بالمتخصصين كلهم ويعطونا خلاصة عن التخصص، ولكن الذي يفتي فيها هو العالم، وكذلك القضايا الشرعية الأخرى لو افترضنا أننا الآن ليس عندنا عالم شمولي، وأتت قضية من القضايا العلمية التي تحتاج أن نرجع فيها للتفسير والحديث والفقه والعقيدة واللغة العربية، فهذا يتأتى في كثير من قضايا الشرع، لأن كثيراً من القضايا الشرعية تحتاج إلى التخصصات فلو فرضنا أننا احتجنا قضية من القضايا الخطيرة التي لا بد فيها من تكامل هذه التخصصات، وليس عندنا عالم شمولي، فلا بد أن نأتي بأربعة أو خمسة كل في تخصصه، وهنا تدركون خطأ التركيز على التخصصات، فالتخصصات مفيدة لكن بشرط أن يوجد عندنا مرجعية وأن نركز على أنموذج من طلاب العلم ننمي فيهم العلم الشرعي الشامل، ولذلك ينبغي أن نستدرك أنفسنا، ونستدرك الحال مع طلاب العلم في أن نشجع الطلاب النابهين للحضور عند دروس المشايخ الشاملة، ولا يقتصر على فن واحد، فإن وجد عند شيخ من المشايخ الشمولين وإلا فينبغي أن ينوع، فيحضر عند هذا الشيخ درساً وعند الآخر الدرس الثاني، حتى نخرج شخصيات متكاملة، ولذلك أقول: الأمة مقبلة على كارثة في هذا الجانب، فمسألة طلب العلم صارت تخصصات، فإذا ذهب هذا الجيل الذي بقي منه حبيبات الجيل التخصصي الشامل جيل الراسخين في العلم ماذا ستتصورون؟ وعندنا علماء لكنهم ليسوا علماء شمولية، هذه حقيقة خطيرة ينبغي أن نشجع طلاب العلم الذين يأخذون من عموم المشايخ ونركز على أن يطلبوا العلم الشمولي.

كما نحثكم على قراءة كتاب الحداثة في ميزان الإسلام، وهو كتاب جيد وأثنى عليه سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>