للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صوفية المتفلسفة]

أما صوفية المتفلسفة فإنه يشير بهم إلى الصوفية الذين نقلوا مقدمات فلسفية كان بعض فلاسفة الفرس أو الهند أو اليونان يتقلدونها لتحصيل التعبد الذي كانوا يعيشونه، وهو التعبد -تعبد أولئك الهند أو الفرس أو ما إلى ذلك- التعبد الشركي الذي لم يكن يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى، فاستعملوا بعض هذه الطرق والأوجه وأدخلوها لتحصيل معرفة الله وعبادته سبحانه وتعالى.

فهذا هو التصوف الفلسفي، وقد ظهرت له نظريات من أشهرها: نظرية وحدة الوجود، ونظرية الحلول والاتحاد، وبين الحلول والاتحاد بعض الفرق المعروف، ولهؤلاء أسماء مشهورة، وقد اشتهروا عند العامة أنهم صوفية، ولكنهم من حيث المقدمات بنوا على مقدمات فلسفية دخلت عليهم من الفلسفة التي ترجمت وانتشرت في العالم الإسلامي في أواخر دولة بني أمية وما بعد ذلك.

ومن أخص هؤلاء: ابن سبعين، والحلاج، والتلمساني المسمى بـ العفيف، ومحيي الدين ابن عربي الأندلسي، وجملة من هؤلاء.

فهؤلاء تقلدوا التصوف الفلسفي، وهذا هو أشكل مراحل التصوف؛ لأنه انحرف عن مقاصد التعبد الأولى التي كان عليها الشيوخ العارفون من قدماء المنتسبين إلى التصوف، كـ الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، ومعروف الكرخي، وشقيق البلخي، وسهل بن عبد الله التستري، بل والجنيد بن محمد، وحتى مثل أبي إسماعيل الأنصاري الهروي، وإن كان الهروي متأخراً، لكن كان القدماء كـ إبراهيم بن أدهم، وشقيق البلخي، ومعروف الكرخي، والفضيل بن عياض، وعطاء الواسطي، وصفوان بن سليم، وأمثال هؤلاء من العباد، ممن قد يسلم اسم التصوف بحقهم، وممن لا يسلم اسم التصوف بحقهم، بل كانوا بعيدين عن هذه الحال، بل حتى الصوفية الذين تباعدوا عن ذلك لم يصلوا إلى هذه الدرجة كتصوف الهروي أو حتى كتصوف أبي حامد الغزالي.

وينبه إلى أنه قد يدخل على بعض أصحاب هذه الدرجات كلمات أو إشارات من الدرجة الثانية، ولربما استعمل بعضهم ما هو من الدرجة الثانية كـ أبي حامد الغزالي؛ فإنه ربما استعمل بعض الكلمات أو الإشارات التي لا توجد إلا في تعبيرات صوفية المتفلسفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>