للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(كالصبي والمجنون .. فإنهما يثبت في حقهما الحكم الوضعي، كصحة بيع الصبي، وضمان متلفاتهما، أو ثبوت الدّين في ذمتهما).

أما الفقهاء؛ فيجعلون الحكم الشرعي مدلول ذلك الخطاب، أو قل: صفة فعل المكلف. فالحكم عند الأصوليين هو" الإيجاب" الذي هو صفة قائمة بذاته تعالى. و" الوجوب"، الذي هو صفة فعل المكلف، هو الحكم عند الفقهاء.

يقول العلامة الشيخ بخيت المطيعي:" والعجب أن بعض المتأخرين ممن تصدى للكتابة في علم الأصول قد تشبث بما قاله أولئك المتأخرون من الأشاعرة، وعرف الحكم بما عرفوه به. غير أن فريقا من الحنفية فسروا الحكم بما ثبت بالخطاب اللفظي، وسلكوا طريق المحققين" (١).

ولنقف عند هذا الحد في بيان المراد من الأحكام التي عني القرآن الكريم ببيانها، لنبدأ بإيضاح منهج القرآن- كما عرضه الشاطبي- في سياق أحكامه.

ويتلخص هذا المنهج في نظريتين:

إحداهما: أن القرآن أتى جامعا للأحكام بطريقة كلية إجمالية، دون النظر إلى واحد من أقسام الأحكام الشرعية.

هذا ما نص عليه الشاطبي بقوله:" تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلي لا جزئي، وحيث جاء جزئيّا، فمأخذه على الكلية .. إما بالاعتبار (أو بمعنى الأصل، إلا ما خصه الدليل، مثل خصائص النبي صلى الله عليه وسلم). ويدل على هذا المعنى- بعد الاستقراء المعتبر- أنه محتاج إلى كثير من البيان .. فإن السنة، على


(١) انظر: حاشية نهاية السول، للإسنوي ١/ ٦٩ وما بعدها، والإحسان في علوم القرآن، ٢٩٧، ٢٩٨.

<<  <   >  >>