للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الأنعام: ١٣٨]، ثم أعقب ذلك ردّا عليهم بقوله: سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [سورة الأنعام: ١٣٩].

وبيان ذلك أن المشركين أفرزوا نصيبا من أموالهم من الزرع والأنعام فجعلوها حبسا محجورة، لا يتصرفون فيها لأنفسهم، ثم قسموها أقساما .. فمنها ما خصوا به خدّام أصنامهم، وفيها من الأنعام ما سيّبوه وامتنعوا عن ركوبه واستخدامه حسبة لأصنامهم، ومنها ما لا يذكرون اسم الله عليه عند ذبحه، بل يذكرون عليه اسم أصنامهم دونه، وكل ذلك جهالة وضلال وافتراء على الله ..

فلذلك رد الله عليهم شرعية صنيعهم، وسماه افتراء، وتوعدهم بالعذاب عليه.

المثال الثالث: قال تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ [سورة الأنعام:

١٣٦]، ثم عقب على هذا بقوله: ساءَ ما يَحْكُمُونَ.

وبيان معنى القول الكريم أن المشركين أفرزوا من أموالهم مما خلق الله لهم من الزرع والأنعام نصيبا قسموه قسمين: قسما جعلوه في سبيل الله للضيفان والمساكين، وقسما جعلوه في خدمة أصنامهم .. فإذا فضل فضل من المال مما جعلوه لله؛ أضافوه لخدمة أصنامهم، وإذا فضل فضل من المال مما جعلوه لشركائهم؛ لم يضيفوه لما جعل

إحسانا في سبيل الله. ولا شك أن هذا العمل بهذه الصورة خطأ وباطل .. فنبه القرآن بعد حكايته على أنه من سوء الحكم وباطل المعتقد.

<<  <   >  >>