للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد هذا البيان الإجمالي لسورة المؤمنون يقول الشاطبي:" فسورة المؤمنون قصة واحدة في شيء واحد. وبالجملة .. فحيث ذكر قصص الأنبياء- عليهم السلام- كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى وهارون، فإنما ذلك تسلية لمحمد- عليه الصلاة والسلام- وتثبيت لفؤاده، لما كان يلقى من عناد الكفار وتكذيبهم له على أنواع مختلفة .. فتذكر القصة على النحو الذي يقع له مثله، وبذلك اختلف مساق القصة الواحدة بحسب اختلاف الأحوال، والجميع واقع لا إشكال في صحته. وعلى حذو ما تقدم من الأمثلة يحتذى في النظر في القرآن لمن أراد فهم القرآن" (١).

وصفوة القول أن الشاطبي يدعو إلى النظر في السورة القرآنية نظرة كلية عامة، وذلك .. بربط آخر الكلام بأوله، فكل سورة من سورة تمثل كما يقول الأستاذ الجليل الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله-" وحدة متماسكة، تشدها خيوط خفية .. تجعل أولها تمهيدا لآخرها، وآخرها تصديقا لأولها، وتدور السورة كلها على محور ثابت" (٢).

وبعد أن أثبت الشاطبي الوحدة الموضوعية في السورة القرآنية، وذكر لذلك ضابطا يعول عليه في فهم القرآن، وأن عدم الأخذ به يؤدي بالمفسر إلى الوقوف عند فقه الألفاظ والدلالات اللغوية ..

أقول: بعد أن أثبت ذلك، أثبت الوحدة الموضوعية في القرآن كلّه .. قال:

" للقرآن مأخذ في النظر على أن جميع سوره كلام واحد، بحسب خطاب


(١) الموافقات، ٣/ ٤١٩.
(٢) نحو تفسير موضوعي، ص ٥.

<<  <   >  >>