للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أجل هذا نستطيع أن نقول: إن الحكيم التّرمذي يذهب مذهب من يمنع المشترك اللفظي في القرآن الكريم.

وعند النّظرة الفاحصة إلى مذهب الحكيم الترمذي في منع المشترك اللفظي نجد أنّ الترمذي يذهب مذهب معاصره ابن درستويه المتوفي ٣٤٧ هـ على حين توفي الحكيم الترمذي على القول الراجح ٣١٨ هـ.

فالرّجلان متعاصران، ولا ندري منّ الذي أثر في الآخر، كل الذي نعلمه أن ابن درستويه- كما سبق بيانه- كان يمنع وقوع المشترك اللفظي في اللغة لعدة أسباب منها:

١ - أنه ليس من الحكمة والصواب أن يقع المشترك اللفظي في كلام العرب لأنه يلبس.

٢ - لو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على المعنيين المختلفين كان ذلك تعمية وتغطية للغة التي يفترض فيها الإبانة والوضوح.

٣ - ويقدّم ابن درستويه مثالا لذلك مجىء: فعل وأفعل لمعنيين مختلفين، فمن لا يعرف العلل، ويتعمق في اللغة يحكم بأنهما مشتركان في اللفظ مختلفان في المعنى، مع أنهما في الحقيقة لمعنى واحد» (١) ومن الأدلة التي تشير في وضوح إلى إنكار الحكيم التّرمذي وقوع المشترك اللفظيّ في القرآن الكريم تناوله بعض الكلمات القرآنية التي تبدو في ظاهرها مشتركة، وعند التحليل والتدقيق يتبين أن بينها وبين الاشتراك بونا بعيدا.

وقد نصّ على ذلك صراحة، إذ ذكر في مقدمة كتابه ما نصّه:


(١) انظر ما سبق.

<<  <   >  >>