للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقد نظرنا في هذا الكتاب المؤلف في نظائر القرآن الكريم، (١) فوجدنا الكلمة الواحدة مفسّرة على وجوه، فتدبّرنا ذلك، فإذا التفسير الذي فسّره، إنما اختلفت الألفاظ في تفسيره، ومرجع ذلك إلى كلمة واحدة، وإنما انشعبت حتى اختلفت ألفاظها الظاهرة الأحوال، التي إنما نطق الكتاب بتلك الألفاظ من أجل الحادث في ذلك الوقت» (٢) ويقدم الحكيم الترمذي أمثلة لذلك، من هذه الأمثلة:

١ - كلمة الهدى:

فقد جاءت على ثمانية عشر وجها، فالحاصل من هذه الكلمة:

كلمة واحدة فقط، وذلك أن الهدى: هو الميل، ويقال في اللغة: رأيت فلانا يتهادى في مشيته، أي يتمايل، ومنه قوله تعالى: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ (٣) أي ملنا إليك، ومنه سميت الهديّة: هدية، لأنها تميل بالقلب إلى مهديها، وأن القلب أمير على الجوارح، فإذا هداه الله لنوره: أي أماله إليه لنوره: اهتدى أي: استمال، وقد قال في تنزيله يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (٤) فهذا أصل الكلمة، ثم وجدنا تفسير الهدى:

١ - البيان: فإنما صار الهدى بيانا في ذلك المكان، لآن البيان إذا وضح على القلب بنور العلم: مدّ ذلك النّور القلب إلى ذلك الشىء وأماله إليه.

٢ - الإسلام: وإنما صار الهدى في المكان الآخر «الإسلام»، لأنه إذا مال القلب بذلك النور إلى ذلك الشىء الذي تبين له: انقاد العبد وأسلم، ومدّ عنقا إلى قبوله.


(١) لعله يقصد بعض الكتب التي وضعها المؤلفون قبله أو في عصره.
(٢) انظر: تحصيل النّظائر: ١٩.
(٣) الأعراف: ١٥٦.
(٤) النور: ٣٥.

<<  <   >  >>