فغضب الرب على سليمان، لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى، فلم يحفظ ما أوصى به الرب، فقال الرب لسليمان: من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها، فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك" (الملوك (١) ١١/ ٣ - ١١).
وكانت الأسفار قد أثنت على سليمان، وذكرت بشارة الله لأبيه داود بهذا الابن الذي سيبني بيت الله، ووصفته بالبر والطهارة الذي عبرت عنه الأسفار بلفظة البنوة لله، وهو لفظ يدل على صلاح صاحبه - كما هو معهود في التوراة -، تقول البشارة لداود: "هوذا يولد لك ابن، يكون صاحب راحة، وأريحه من جميع أعدائه حواليه، لأن اسمه يكون سليمان، فأجعل سلاماً وسكينة في إسرائيل في أيامه، هو يبني بيتاً لاسمي، وهو يكون لي ابناً، وأنا له أباً" (الأيام (١) ٢٢/ ٩ - ١٠)، كما ذكرت الأسفار أن الله سماه "يديديا" (أي حبيب الرب)، لأن "الرب أحبه" (صموئيل (٢) ١٢/ ٢٤)، فهل ضيع سليمان - المبَشر به - أوامر الرب؟ وهل عمل الشر وبنى معابد الأوثان طمعاً في رضا نسائه أم كان - المحبوب عند الله - فصدق فيه قول الله في القرآن، فقال:{ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب}(سورة ص: ٣٠).
ونتساءل: لو كان هذا حال أنبياء الله؛ فما فائدة النبوات بعد ذلك إذا كان المختارون من البشر وصفوتهم على مثل هذه الحال؟ وأي خير يرتجى في إصلاح البشرية وتطهيرها من دنس الشرك والخطيئة بعد الذي قرأنا؟
ثم هل تخليد هذا يصدر عن وحي السماء؟ لو كان ذلك الذي ذكرته التوراة من المخازي حقاً فما فائدة ذكره؟ ما الفائدة المرجوة منه حتى يسطره الله في وحيه؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
ثم نتوجه بالسؤال لأولئك الذين يطلبون التهذيب والكمال الروحي من خلال