للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كونها إضافة توضيحية عند النسخ ثانية عبر المراحل الزمنية المتعاقبة بواسطة الناسخ نفسه، وبالوحي المقدس". (١) فهم يعترفون بأنها من إضافات النساخ، لكن هؤلاء النساخ لم يصنعوا ذلك من أنفسهم، بل فعلوه بالوحي المقدس! فهم أيضاً ممن يوحى إليه.!! فالمهم عندهم أن "يظل موسى كاتباً لسفر التكوين". (٢)

[اعترافات مثيرة]

وبعد هذا كله كان لابد من أن يعترف أهل الإنصاف من أهل الكتاب بعدم صحة نسبة الأسفار الخمسة إلى موسى، وقد كان من أوائل من فعل ذلك منهم، ابن عزرا الحبر اليهودي الغرناطي (تـ ١١٦٧م) حين ألغز اعترافه ببراءة موسى من هذه الأسفار، وذلك لمخافته القتل والاضطهاد فقال في شرحه لسفر التثنية: " فيما وراء نهر الأردن ... لو كنت تعرف سر الإثني عشر .. كتب موسى شريعته أيضاً ... وكان الكنعاني على الأرض ... سيوحي به على جبل الله ... ها هوذا سريره، سرير من حديد، حينئذ تعرف الحقيقة " ولم يجرؤ ابن عزرا على كشف الحقيقة فألغزها.

وقد فسر اليهودي الناقد اسبينوزا قول ابن عزرا بأنه أراد بأن موسى لم يكتب التوراة لأن موسى لم يعبر النهر، ثم سفر موسى قد نقش على اثني عشر حجراً بخط واضح، فحجمه ليس بحجم التوراة، ثم لا يصح أن تقول التوراة بأن موسى كتب التوراة، ثم كيف يذكر أن الكنعانيين كانوا حينئذ على الأرض؟، فهذا لا يكون إلا بعد طردهم منها، وأما جبل الله فسمي بهذا الاسم بعد قرون من موسى، وسرير عوج الحديدي جاء ذكره في التثنية (٣/ ١١ - ١٢) بما يدل على أنه كتب بعده بزمن طويل.


(١) المدخل إلى العهد القديم، القس الدكتور صموئيل يوسف، ص (٨٤).
(٢) المصدر السابق، ص (٨٤).

<<  <   >  >>