قائلاً: إن دفعت بني عمون ليدي، فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند عمون يكون للرب وأصعده محرقة "، فلما انتصر استقبلته ابنته مهنئة، وكانت أول مستقبليه، فذبحها "ففعل بها نذره الذي نذر" (القضاة ١١/ ٣٠ - ٤٠)، ما فائدة القصة لو كانت صحيحة، لماذا يخلدها الله في كتابه ووحيه؟
ومثلها ما جاء عن قتل الله لأطفال نالوا من النبي أليشع، وسخروا منه "ثم صعد من هناك (أي أليشع) إلى بيت إيل، وفيما هو صاعد في الطريق، إذا بصبيان صغار خرجوا من المدينة، وسخروا منه، وقالوا له: اصعد يا أقرع. اصعد يا أقرع. فالتفت إلى ورائه، ونظر إليهم، ولعنهم باسم الرب، فخرجت دبّتان من الوعر، وافترستا منهم اثنين وأربعين ولداً" (الملوك (٢) ٢/ ٢٣ - ٢٤)، فهل يعقل أن نبياً يدعو بالهلاك على أطفال صغار عيّروه؟ وهل يستجيب الله، فيقتل الطفل البريء الذي أساء الأدب؟
ثم لو كان هذا صحيحاً، فما فائدة تخليده في كتاب ينسب إلى الله، وأي خير أو هدى تتعلمه البشرية منه، هل نقتل أطفالنا وندعو عليهم بالثبور إذا أخطؤوا في حقنا أو حق الآخرين؟
ومما تتنزه عن مثله أسفار الله؛ ذلك الحوار الذي سجلته أسفار التوراة: "عاد بنو إسرائيل أيضاً، وبكوا، وقالوا: من يطعمنا لحماً، قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجاناً والقثاء والبطيخ والكرّاث والبصل والثوم. والآن قد يبست أنفسنا، ليس شيء غير أن أعيننا إلى هذا المنّ، وأما المنّ فكان كبزر الكزبرة، ومنظره كمنظر المقل، كان الشعب يطوفون ليلتقطوه، ثم يطحنونه بالرحى، أو يدقونه في الهاون، ويطبخونه في القدور، ويعملونه ملّات، وكان طعمه كطعم قطائف بزيت" (العدد ١١/ ٥ - ٨).