للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن المياه قد قلّت عن الأرض. فلبث أيضاً سبعة أيام أخر، وأرسل الحمامة فلم تعد ترجع إليه أيضاً" (التكوين ٧/ ١٨ - ٨/ ١٢). (١)

وقد قارب الحقيقة صبري جرجس حين وصف التوراة في كتابه " التراث اليهودي الصهيوني" بأنها "لا تكاد تزيد عن كونها مجموعة من الخرافات والقصص التي صيغت في جو أسطوري حافل بالإثارة، مجافٍ للعقل والمنطق، غاص بالمتناقضات، مشبع بالسخف .... ". (٢)

ويعترف بأثر هذه الأمم على التوراة المدخلُ الفرنسي للتوراة، فيقول: " لم يتردد مؤلفو الكتاب المقدس وهم يرون بداية العالم والبشرية أن يستقوا معلوماتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تقاليد الشرق الأدنى القديم، ولاسيما من تقاليد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفينيقية الكنعانية ".

وأما المطران كيرلس سليم بسترس رئيس أساقفة بعلبك فيقول:: "إذا كانت رواية حوادث إبراهيم على جانب كبير من الموضوعية التاريخية، فالفصول الأحد عشر الأولى من سفر التكوين هي مجموعة أساطير استقاها الشعب اليهودي من آداب الشعوب المجاورة ولا سيمَا الأدب البابلي .. لقد تأثرت كتابة واضعي الأسفار المقدسة لكلا التاريخين ليس بالآداب المجاورة فحسب، بل أيضاً بما اختبروه في حياة شعبهم طيلة الزمن الذي دوّنوا فيه تلك الأسفار". (٣)

ويقول فيلسيان شالي: "ألف بعض الإسرائيليين تعظيماً لإلههم - منذ القرن العاشر حتى السابع - مجموعة الأساطير التي ستوضع بعد ذلك في كتابهم المقدس، مثل خلق العالم والإنسان، والجنة المفقودة، والطوفان، وكثير من عناصر هذه الأساطير مستعار من البلاد التي كانت إسرائيل على صلة بها، أي من مصر وبابل خاصة". (٤)

وتتشابه كثيراً الشرائع التوراتية مع قوانين حمورابي، الذي سبق ظهور اليهود وكتبهم بعدة قرون، وصور التشابه كثيرة، حتى يخيل للناظر إلى كثرتها أن التوراة بشرائعها نسخة من قوانين حمورابي الوثني، ومن صور التشابه ما جاء في الأسفار بخصوص الثور النطاح: " إذا نطح ثور رجلاً أو امرأة فمات يرجم الثور ولا يؤكل


(١) وانظر: ملحمة جلجامش، ترجمة: طه باقر، ص (٩٨ - ٩٩).
(٢) انظر: دراسة عن التوراة والإنجيل، كامل سعفان، ص (١٤٠)، وقاموس الكتاب المقدس، ص (٥٨٢ - ٥٨٤).
(٣) اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، المطران كيرلس سليم بسترس (١/ ٧٦ - ٧٧).
(٤) موجز تاريخ الأديان، فيلسيان شالي، ص (١٧٦).

<<  <   >  >>