ومرة أخرى تذكر التوراة أن الله خاف من اجتماع البشر وتآلفهم وعزمهم على بناء برج عظيم رأسه في السماء، فنزل وبددهم قبل أن يحققوا غايتهم "قالوا: هلم نبنِ لأنفسنا مدينة وبرجاً رأسه بالسماء. ونصنع لأنفسنا اسماً، لئلا نتبدد على وجه كل الأرض، فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذَيْن كان بنو آدم يبنونهما. وقال الرب: هوذا شعب واحد، ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل، والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه. هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم، حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض. فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض. فكفّوا عن بنيان المدينة"(التكوين ١١/ ٤ - ٨)، فهل يعقل أن خالق السماوات والأرض، الرب العظيم يخشى من تمام هذا البرج، فيسعى لتفريق البشر قبل أن يصل برجهم السماء، وهنا نتساءل عن الطول الذي كان سيصل إليه بناء البشر قبل آلاف السنين، بل نتساءل: أوَلا يعلم الرب أن البشر يعجزون عن مناطحة السحاب فضلاً عن قرع أبواب السماء!
ومثله في العجز والنقص المنسوب إلى الله العظيم ما تذكره التوراة من أن الرب بعد ما أغرق الأرض بالطوفان زمن نوح قال لنوح ومن معه:"أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضاً بمياه الطوفان ... وضعت قوسي في السحاب، فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض .... فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقاً أبدياً ... "(التكوين ٩/ ١١ - ١٧)، فجعل قوس قزح علامة تذكره بالميثاق الذي ضربه لنوح ومن معه.
وكما يفيد البشر من مشورة بعضهم لقصورهم عن إدراك عواقب الأمور، أيضاً تذكر التوراة أن الرب شاور الملكين اللذين رافقاه في ذهابه إلى إبراهيم ثم لوط " فقال الرب: هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟ " أي في قوم لوط.
ثم ما كان منه إلا أن قال: " أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخهم الآتي