للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسؤال منكر ونكير حق والناس يفتنون في قبورهم فيقال: من ربك؟ وما دينك ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وأما المرتاب فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيضرب بمرزبة (١) من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، ثم بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى (٢) فتعاد الأرواح إلى الأجساد (٣) . وتقوم القيامة التي أخبر بها في كتابه على لسان رسوله، وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة عراة غرلا (٤) تدنو منهم الشمس، ويلجمهم العرق (٥) (٦) .


(١) المِرْزَبَّة: عُصَيَّة من حديد، القاموس (١ / ٧٥) مادة (ر ز ب) .
(٢) انظر " أحكام الجنائز " (ص ١٥٦) لترى التوسع في تخريجه، وذكر الحديث بطوله عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - مرفوعا.
(٣) للروح خمسة أنواع من التَّعلُّقِ بالإنسان - وهي متغايرة الأحكام -:
الأول: تعلقها به في البطن جنينا.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حالة النوم، فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه آخر.
الرابع: تعلقها به في البرزخ، وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه كليا بحيث لا يبقى لها إليه التفات ألبتة.
الخامس: تعلقها به بعد بعث الأجساد وهو أكمل تعلق لها بالبدن لا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوماَ ولا فسادا فالنوم أخو الموت. فتأمل هذا يُزح عنك إشكالات كثيرة. انتهى ملخصا من " الروح " لابن القيم (ص ٤٣) والطحاوية (ص ٤٥١) .
قلت: لم يتأمل هذه الأنواع الدكتور مسعود عثماني فضلَّ وأضلّ وكفر جماهير المسلمين من السابقين والمعاصرين لإيمانهم بأن الروح تعود إلى جسد الميت إعادة تختلف عن الحياة الدنيا. والله المستعان على هذه الانحرافات. وقد رددت عليه بمقال نشر في رسالة باللغة الأردية بعنوان: " إثبات إعادة الروح إلى جسد الميت عند سؤال الملكين والرد على الدكتور عثماني في نفيه ذلك ".
(٤) غُرْلا: جمع أغرل وهو الأقلف وزنه ومعناه وهو من بقت غُرْلَتُه وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر كما في " الفتح " (١١ / ٣٩٤) .
(٥) انظر لأحوال الناس يوم القيامة، وما ذكره المؤلف صحيح البخاري (١ / ٣٧٧ فتح الباري) ومسلم (٢٨٦٠ - ٢٨٦٤) .
(٦) قارن هذا الفصل " بالعقيدة الواسطية " (ص ١٣) .

<<  <   >  >>