للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل كيفية التوسل بالصالحين]

فصل ومن لواحق البحث الذي قبله التوسل بهم، وأصل الوسيلة (١) ما يتوسل به ويتقرب به إلى الشيء. وحديث «آت محمدا الوسيلة» (٢) قيل: القرب من الله سبحانه، وقيل: الشفاعة، وقيل: منزلة من منازل الجنة (٣) .

وفي التوسل خلاف (٤) والحق أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب اتباعه، والعمل به، كحديث الأعمى الذي في السنن، وهو حديث حسن، لا موضوع، فيه «يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي» (٥) . وحديث رواه أحمد والحاكم وفيه: «بحق السائلين


(١) أي لغة وانظر " القاموس المحيط " (٤ / ٦٥) و " النهاية في غريب الحديث " (٥ / ١٨٥) .
(٢) رواه البخاري وغيره (٢ / ٩٤ فتح الباري) ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتِ محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وَعَدْته، حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة ".
(٣) بل هي في هذا الحديث منزلة في الجنة كما روى مسلم في صحيحه (٣٨٤) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صَلُّوا عَليّ فإنه من صَلَّى عَلَيّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد مِنْ عِباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة ".
(٤) التوسل بعضه متفق على استحبابه وبعضه فيه خلاف كما سيأتي قريبا إن شاء الله.
(٥) حديث الأعمى رواه أحمد (٤ / ١٣٨) والترمذي (٣٦٤٩) وابن ماجه (١٣٨٥) والحاكم (١ / ٣١٣) من طريق عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال: سمعت عمارة بن غزية يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: " إن شئت أخرت ذلك وهو خير لك وإن شئت دعوت " قال: فادعه قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء فيقول: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه فيّ [وشفعني فيه: الحاكم] وأخرجه الحاكم أيضا من طريق محمد بن جعفر ثنا شعبة به (١ / ٥١٩) وكما أخرجه الطبراني وذُكر فيه قصَّة منكرة (٩ / ١٧ - ١٨) .
صحة الحديث: قال الترمذي: " حسن صحيح غريب " وقال أبو إسحاق: " هذا حديث صحيح " وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي.
تنبيه: جاء في " التوصل إلى حقيقة التوسل " (ص ١٥٨) عزو زيادة " وشفعني فيه " للترمذي أيضا ولم أره في الطبعة السلفية ولا في طبعة أحمد شاكر (٣٥٧٨) والله أعلم.
والحديث تُكُلِّم فيه لأجل قول الترمذي: " لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وليس الخطمي ". فقال بعض أهل العلم إذا هو الرازي وهو " صدوق سيئ الحفظ " وقال الشيخ الألباني في " التوسل أنواعه وأحكامه " (ص ٦٨) : " ولكن هذا مدفوع بأن الصواب أنه الخطمي وهكذا نسبه أحمد في رواية له (٤ / ١٣٨) وسماه في أخرى (أبو جعفر المدني) وكذلك سماه الحاكم، والخطمي هذا لا الرازي هو المدني. وقد ورد هكذا في (المعجم الصغير) للطبراني وفي طبعة بولاق من سنن الترمذي أيضا، ويؤكد ذلك بشكل قاطع أن الخطمي هذا هو الذي يروي عن عمارة بن غُزَيَّة ويروي عنه شعبة كما في إسناده هنا، وهو صدوق. وعلى هذا فالإسناد جيد لا شبهة فيه ". انظر التعليق على " المعجم الكبير " (٩ / ١٧ - ١٨) و " التوسل وأحكامه " (ص ٨٢ فما بعدها) حول قصة الرجل مع عثمان ابن عفان التي سبقت الإشارة إليها عند الطبراني.

<<  <   >  >>