للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل القضاء والقدر]

فصل ويجب الإيمان بالقدر، خيره وشره، وحلوه ومره، وقليله وكثيره، أنه من الله تعالى، ليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، ولا يصدر شيء إلا عن تدبيره وقضائه، ولا محيد لأحد عن القدر المقدور، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المحفوظ، ولا خير ولا شر إلا بمشيئته، خلق من شاء للسعادة، واستعمله بها فضلا، وخلق من أراد للشقاوة، واستعمله بها عدلا، فهو سر استأثر الله تعالى به، وحجبه عن خلقه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩] وقال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣] وقال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (١) خلق الخلائق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم، يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: ١٢٥] وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢]

ولا يجوز أن يجعل قدر الله تعالى وقضاؤه حجة بعد الرسل، ونعلم أن لله الحجة علينا بإنزال الكتب، وبعثه الرسل، وما أمر الله تعالى ونهى إلا لمستطيع الفعل والترك، ولم يجبر أحدًا على معصية، ولا اضطره على ترك


(١) متفق عليه: البخاري (١١ / ٤٩١ فتح) ومسلم (٢٦٤٧) واللفظ له.

<<  <   >  >>