للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخامسها وهو أصعبها المشاركة في العلم والتمييز والفهم والدراية حتى يتمكن من معرفة الحق ومقدار ما يقف عليه فيرغب فيه من غير تقليد، لأنه لا يعرف المقادير إلا ذو بصر نافذ، وفهم ماض، فإن عرضت له محنة، لم يتطير بطلب الحق، فيكون ممن يعبد الله على حرف، وليثق بمواعيد الله وقرب الفرج قال تعالى {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل: ٧٩] {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: ٦٠] وليعلم يقينًا أنه تعالى مع الصابرين والصادقين والمحسنين، وأن الله سبحانه ناصر من ينصره، وذاكر من يذكره [وإن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور عائد على متبعيه، ونصر الله شامل لناصريه] (١) .

وقد أمر الله تعالى بالمعاونة على البر والتقوى. وصح الترغيب في الدعاء إلى الحق والخير، وأن الداعي إلى ذلك يؤتى مثل أجور من اتبعه (٢) . . ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعًا، ومن أمر بالصلاح والإصلاح ابتغاء مرضات الله فسوف يؤتيه أجرًا عظيمًا. وفي سورة العصر قصر السلامة من الخسر على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣]

وأنا أستغفر الله، وأساله التجاوز عني والمسامحة في كل ما أخطأت فإني محل الخطأ والغلط، وأهله، وهو سبحانه أهل التقوى والمغفرة والسعة والمسامحة والغنى الأعظم والكرم الأكبر عن مضايقة المساكين والجاهلين إذْ كان الله سبحانه وتعالى غنيًا عن عرفان العارفين غير متضرِّرٍ بجهل الجاهلين.


(١) لم يتضح لي مراد المصنف من هذه العبارة ولعله هناك سقط، والله أعلم.
(٢) انظر صحيح مسلم (١٠١٧) عن جرير بن عبد الله.

<<  <   >  >>