للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، دونه " حجب من نار ونور وظلمة " (١) وما هو أعلم به.

فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل:. . {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦]

وبقوله:. . {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧] ونحو هذا من متشابه القرآن فقل إنما يعني العلم لأن الله عز وجل فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله وهو بائن (٢) من خلقه، لا يخلو عن علمه مكان، وليس معنى ذلك أن


(١) روى مسلم في صحيحه (١٧٩) عن أبي موسى الأشعري قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل حجابه النور (وفي رواية في مسلم أيضا النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " وروى الدارمي في " الرد على المريسي " (ص ١٧٣) عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: احتجب ربنا عز وجل عن خلقه بأربع بنار وظلمة ثم بنور وظلمة. . . " وفي سنده: المثنى بن الصباح وهو ضعيف اختلط بأخرةٍ كما في " التقريب " وروى البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص ٤٠٢) مرفوعًا " دون الله تعالى سبعون ألف حجاب من نار وظلمة. . . " وفي سنده: موسى بن عبيدة الربذي وهو عند أهل العلم بالحديث ضعيف كما قال البيهقي. وجاء نحو حديث عمرو بن شعيب موقوفًا على ابن عمر في " الرد على المريسي " ص (١٧٢) والرد على الجهمية (ص ٣٠) للدارمي وشرح اعتقاد أصول السنة " (٧٢٩) وانظر تفسير ابن كثير (٢ / ٣٠٤ ط الشعب) تفسير سورة الأنعام الآية: ١٠٣ وانظر " الأسماء والصفات " (ص ٤٠٢ و ٤٠٣) و " شرح العقيدة الطحاوية " (ص ٢١٤) [والحاكم في المستدرك (٢ / ٣١٩) وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا] .
(٢) قد يقول قائل إن هذا اللفظة " بائن " لم ترد في الكتاب والسنة فلم تذكر وقد أجاب عن هذه وغيرها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بقوله في " مختصر العلو " (ص ١٨ - ١٩) ما خلاصته أن هذه اللفظة " بائن " لا بأس من ذكرها للتوضيح ولقد كثر ورودها في عقيدة السلف وقال بها جماعة وإن لم تكن معروفة في عصر الصحابة رضي الله عنهم ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضت ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأعلام بلفظ " بائن " دون أن ينكره أحد منهم وهذا تماما كقولهم في القرآن إنه غير مخلوق فإن هذه الكلمة لا تعرفها الصحابة أيضًا وإنما كانوا يقولون فيه: " كلام الله تبارك وتعالى " لا يزيدون على ذلك وكان ينبغي الوقوف فيه عند هذا الحد لولا قول جهم وأشياعه من المعتزلة إنه مخلوق، ولكن إذا نطق هؤلاء بالباطل وجب على أهل الحق أن ينطقوا بالحق ولو بتعابير وألفاظ لم تكن معروفة من قبل وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى عندما سئل عن " الواقفة " الذين " يقولون في القرآن إنه مخلوق أو غير مخلوق، هل لهم رخصة أن يقول الرجل " كلام الله " ثم يسكت؟ قال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ولكن حيث تكلموا لأي شيء لا يتكلمون؟ ! سمعه أبو داود منه كما في " مسائله " (ص ٢٦٣ - ٢٦٤) ".

<<  <   >  >>