للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من القول الأول، ومن زعم أن ألفاظنا وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي، وقد كلم الله موسى عليه السلام تكليما منه إليه، وناوله التوراة من يده إلى يده، ولم يزل عز وجل متكلما (١) .

والقرآن كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس كلامه الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف. واحتج أحمد بن حنبل (٢) بأن الله تعالى كلم موسى، فكان الكلام من الله، والاستماع من موسى، وبقوله عز وجل:. . {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: ١٣] الآية [السجدة: ١٣] . وروى الترمذي عن خباب بن الأرت (٣) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم لن تتقربوا إلى الله عز وجل بأفضل مما خرج منه، يعني: القرآن» (٤) .


(١) قارن هذه الفقرة بـ " السنة " لأحمد (ص ٧٦) .
وأما المناولة فلا دليل عليها من الكتاب والسنة، ولعل المصنف اقتبس هذه العبارة أو نقلها من " السنة " لأحمد - رواية الإصطخري - وربما لهذا الوجه ذكر الذهبي أن رسالة الإصطخري فيها نظر - مقدمة المسند تحقيق أحمد شاكر ١ / ١٢٤ - ولعل هذه العبارة أقحمت في كتاب الإمام أحمد لأنه توجد رواية من غير الإصطخري ولا توجد فيها الكلمات المستغربة راجع " شذرات البلاتن " (ص ٤٤) والتعليق على " المدخل إلى مذهب الإمام أحمد " (ص ٤٤) للدكتور عبد الله التركي ومن كتابه استفدنا وعسى أن أحقق القول في الأمر إن شاء الله.
[جزم الحافظ الذهبي بوضع الرسالة في كتابه " سير أعلام النبلاء " (١١ / ٣٠٣) ] .
(٢) الثقة الحافظ الفقيه الحجة أحد الأئمة مات (سنة ٢٤١ هـ) ، تقريب.
(٣) من السابقين إلى الإسلام وكان يعذب في الله وشهد بدرا - رضي الله عنه - مات (سنة ٣٧ هـ) ، تقريب.
(٤) لم أره في الترمذي من حديث خبّاب بن الأرت وكذا لم يذكر الحديث في " تحفة الأشراف " في ترجمة خباب. والذي رواه الترمذي (٣٠٧٩) هو عن زيد بن أرطاة عن جُبير بن نفير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم لنْ ترْجعُوا إلى الله بأفضل مما خرج مِنه يعني القرآن " وهو مرسل كما قال الترمذي (٣٠٧٨) وانظر " فيض القدير " (٢ / ٥٥٦) وروى الترمذي (٣٠٧٩) وأحمد (٥ / ٢٦٨ و ٦ / ٢٥٦) عن أبي أمامة رفعه ". . . وما تقرب العباد إلى الله عز وجل بمثل ما خرج منه، قال أبو النضر يعني القرآن " وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وبكر ابن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر عمره ".
قلت: بكر قال فيه الذهبي " واه " الكاشف (١ / ١٠٧) وانظر التهذيب (١ / ٤٨٢) و (الميزان ١ / ٣٤٤) حيث ضعفه الجمهور وتركه الدارقطني ووثقه العجلي " والجرح مقدم على التعديل.
[ورواه الحاكم في المستدرك (١ / ٥٥٥) من طريق جبير بن نفير عن أبي ذر - رضي الله عنه - به مرفوعا، وقال: " صحيح على شرط الشيخين " والصواب أن إسناده صحيح رجاله رجال مسلم ما عدا زيد بن أرطاة وهو ثقة] .

<<  <   >  >>