للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر الله، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، وأي كفر أوضح من هذا؟ بل ذلك بقضاء الله عز وجل وذلك عدل منه في خلقه وتدبيره فيهم، وما جرى من سابق علمه فيهم وهو العدل الحق الذي يفعل ما يشاء.

ومن أقر بالعلم، لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة، على الصغر [والقَمْأَة] (١) فالأشياء كلها تكون بمشيئة الله تعالى، كما قال سبحانه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] وكما قال المسلمون ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. وقالوا إن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله، أو يقدر أن يخرج عن علمه تعالى، أو أن يفعل شيئا علم الله أنه لا يفعله، وأقروا أنه لا خالق إلا الله، وأن أعمال العباد خلقها الله، وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئًا، وأن الله تعالى وفق المؤمنين لطاعته، وخذل الكافرين، ولطف للمؤمنين، ونظر لهم، وأصلحهم وهداهم ولم يلطف للكافرين، ولا أصلحهم، ولا هداهم، ولو أصلحهم لكانوا صالحين، ولو هداهم لكانوا مهتدين، وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين، ويلطف لهم، حتى يكونوا مؤمنين، كما قال تعالى:. . . {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩] ولكنه أراد أن يكونوا كافرين، كما علم، وخذلهم، وأضلهم وطبع على قلوبهم وختم على سمعهم وجعل على أبصارهم غشاوة، ويؤمنون أنهم. . . {لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [الرعد: ١٦] كما قال، ويكلون أمرهم إلى الله، ويثبتون الحاجة إليه سبحانه في كل وقت، والفقر إليه في كل حال.


(١) القَمْأَة والقمَاَءَةْ أو تقول " قَمْأً " كما في " السنّة " لأحمد (ص ٧٠) وعبارة المؤلف تماما كما في " السنّة ". وقَمَأ وقَمُؤَ: ذلّ وصغر كما في " القاموس " (١ / ٢٦) .

<<  <   >  >>